الأربعاء، 10 سبتمبر 2008

سلسلة بطولات تعجز عن وصفها الالفاظ مع "البراء بن مالك "





هو البراء بن مالك بنِ النَّضْرِ بنِ ضَمْضَمٍ الأَنْصَارِيُّ بْنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدُبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ. و هو أيضا أخو الصحابي الجليل أنس بن مالك لأبيه قاله أبو حاتم . وقال بن سعد:"أخوه لأبيه وأمه أم سليم البراء".


كان البراء بن مالك أشعث، أغبر، ضئيل الجسم، مهزول الجسد، قليل اللحم، و مع ذلك كان شجاعا،
باسلا و مقداما.


و كان حادي النبي (صلى)، و كان حسن الصوت لذلك فقد كان يرجز لرسول الله (صلى) في بعض
أسفاره كما جاء فى المستدرك من طريق بن إسحاق عن عبيد الله بن أنس.


كان دائما شعاره الله و الجنة، لذلك كانت أقصى أمانيه الموت في سبيل الله. و كان على يقين بأن الله
سيمن عليه بالشهادة حتى أنه قال يوما لإخوانه و هم يعودونه:


"لعلكم ترهبون أن أموت علي فراشي, لا و الله لن يحرمني الله من الشهادة".






لو رحنا نستقصى بطولات البراء بن مالك، لطال الكلام و ضاق المقام، لذا سنعرض بعض القصص التى وردت عنه.


ففى أول حرب للمسلمين ضد المرتدين، صمد الصديق رضى الله عنه أمام هذه الفتنه المدمره العمياء و راح يجهز من المهاجرين و الأنصار أحد عشر جيشا. و عقد لقياده هذه الجيوش أحد عشر لواء، دفع بهم فى أرجاء جزيرة العرب ليعيدوا المرتدين إلى سبيل الهدى و الحق. و كان أقوى المرتدين بأسا و أكثرهم عددا بنو "حنيفة" أصحاب مسيلمة الكذاب. فقد بلغ عدد حلفائه من قومه أربعون ألفا من أشداء المحاربين. و كان أكثر هؤلاء إتبعوه عصبية له، لا إيمانا به. فقد كان بعضهم يقول:


"أشهد أن مسيلمه كذاب و محمدا صادق، لكن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر".


و هزم مسيلمة أول جيش خرج لإليه من جيوش المسلمين بقيادة عكرمة بن أبى جهل، فأرسل الصديق إليه جيشا ثانيا بقيادة خالد بن الوليد و معه حشد من الصحابة و المهاجرين، و كان فى طليعة هؤلاء البراء بن مالك الأنصاري.


التقى الجيشان على أرض "اليمامة" فى "نجد"، فما هو إلا قليل، حتى رجحت كفة مسيلمة و أصحابه و زلزلت الأرض تحت أقدام المسلمين، حتى إقتحم أصحاب مسيلمة خيمة خالد بن الوليد و إقتلعوه من أصوله و كادوا يقتلون زوجته. فى هذه اللحظه، شعر المسلمون بالخطر الداهم و أدركوا أنهم لو هزموا أمام مسيلمة، فلن تقوم للإسلام قائمة و لن يعبد الله فى جزيرة العرب كما كان.


فالتفت خالد بن الوليد إلى البراء بن مالك و قال له:"إليهم يا فتى الأنصار". فالتفت البراء إلى قومه و قال:


"يا معشر الأنصار، لا يفكرن أحد منكم بالرجوع إلى المدينة، فلا مدينة لكم بعد اليوم. و إنما هو الله وحده ثم الجنة".


ثم حمل على المشركين و حملوا معه، و انبري يشق الصفوف، و يعمل السيف فى رقاب أعداء الله حتى زلزلت أقدام مسيلمة و أصحابه، فلجأوا إلى الحديقة التى عرفت فى التاريخ بعد ذلك بإسم "حديقة الموت" لكثرة من قتل فيها فى ذلك اليوم.


دخل أصحاب مسيلمة إلى الحديقة و تحصنوا بعالى جدرانها و جعلوا يمطرون المسلمين بنبالهم من داخلها. و فى هذا الموقف، تقدم البراء بن مالك و قال:


"يا قوم، ضعونى على ترس، و ارفعوا الترس على الرماح، ثم اقذفونى إلى الحديقة قريبا من بابها، فإما أن أستشهد، و إما أن أفتح لكم الباب".


و فى لمح البصر جلس البراء بن مالك على الترس و ألقوه فى حديقة الموت بين آلاف مؤلفة من جند مسيلمة. فنزل عليهم نزول الصاعقة، و ما زال يجالدهم أمام باب الحديقة و يعمل فى رقابهم السيف حتى قتل عشرة منهم و فتح الباب و بجسده بضع و ثمانون جرح ما بين رميه بسهم أو ضربة سيف. فتدفق المسلمون على الحديقة و قاتلوا المرتدين حتى قتلوا منهم ما يقرب من عشرين ألفا و وصلوا إلى مسيلمة فأردوه صريعا.


حمل البراء بن مالك بعد ذلك ليداوى، و أقام عليه خالد بن الوليد شهرا يعالجه من جراحه حتى أذن الله له بالشفاء و كتب لجند المسلمين على يديه النصر.


ظل البراء بن مالك الأنصاري يتوق إلى الشهاده التى فاتته "يوم اليمامة"، و طل يخوض المعارك الواحده تلو الأخري شوقا إلى الموت فى سبيل الله حتى كان يوم فتح "تستر" و هى من بلاد فارس. فقد تحصن الفرس فى إحدي القلاع الملساء المرتفعة، فحاصرهم المسلمون و أحاطوا بهم. فلما طال الحصار و إشتد البلاء على الفرس، جعلوا يدلون من فوق أسوار القلعة سلاسل من حديد، علقت بها كلاليب من فولاذ حميت بالنارء حتى غدت أشد توهجا من الجمر. فكانت تنشب فى أجساد المسلمين و تعلق بها، فيرفعونهم إليهم أما موتى و إما على وشك الموت.


فعلق كلاب منها بأنس بن مالك (أخو البراء بن مالك)، فما أن رآه البراء بن مالك حتى وثب على جدار الحصن، و أمسك بالسلسله التى تحمل أخاه و جعل يعالج الكلاب ليخرجه من جسده، فأخذت يده تحنرق و تدخن، فلم يأبه لها حتى أنقذ أخاه و هبط على الأرض بعد أن غدت يداه عظاما ليس عليها لحم.




قالوا عنه :




يكفي هذا الصحابي الجليل حديث رسول الله (صلى) الذي قال فيه:


"كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤيه له، لو أقسم على الله لابره، منهم البراء بن مالك". و المراد بالأشعث أَيْ مُتَفَرِّقَ شَعْرِ الرَّأْس، وِ الأَغْبَر أَيْ مُغَبَّرِ الْبَدَن، و المقصود بذِي الطِمِرَيْنِ" بِكَسْرٍ الطاء أَيْ صَاحِبَ ثَوْبَيْنِ خَلَقَيْن.ِ و "لا يُؤْبَهُ لَه" َأيْ لا يُبَالَى بِهِ و َلا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ.



و قال عنه
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه و أرضاه:


"لا تولوا البراء جيشا من جيوش المسلمين، مخافة أن يهلك جنده بإقدامه".






إستشهد يوم فتح تستر سنة عشرين هجرية.




و روى الترمذى من طريق ثابت و على بن زيد عن أنس أن النبى صلى الله عليه و سلم قال:




"رب أشعت أغبر لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك".




فلما كان يوم فتح تستر من بلاد فارس، إنكشف الناس فقال المسلمون يا براء أقسم على ربك. فقال: "أقسم عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم و ألحقتني بنبيك".




فحمل و حمل الناس معه. و إستجاب الله لدعوته، فقتله مرزبان الزارة من عظماء الفرس، و أخذ سلبه فانهزم الفرس و قتل البراء






مدونة الارض لنا " كل ما يخص المسلم صاحب الهم والدعوة"

قناة الاقصي وتردد جديد