الخميس، 25 أكتوبر 2012

عيد الأضحى وتجديد الأمة




أ . حسان أحمد العمارى
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر،الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .. الله أكبر عدد ما ذكره 
الحاجون وبكوا! والله أكبر عدد ما طافوا بالبيت الحرام وسعوا! الله أكبر عدد ما زهرت 
النجوم، وتلاحمت الغيوم! الله أكبر عدد ما أمطرت السماء، وعدد ما غسق واقب أو لاح 
ضياء! الله أكبر عدد خلقه، وزنة عرشه، ومداد كلماته! الله أكبر عدد ما وقف الحجاج 
في عرفات، الله أكبر عدد ما رفعوا من الدعوات، الله أكبر عدد ما سكبوا من العَبرات، 
الله أكبر عدد ما رموا من الجمرات .. الله أكبر وله الحمد .. سهل لعباده طريق العبادة ويسر.

 ووفاهم أجوره من خزائن جوده التي لا تحصر، ومنّ عليهم بأعياد تعود عليهم بالخيرات وتتكرر، نحمده على نعمه التي لا تحصى ولا تحصر، ونشكره على فضله وحق له أن يشكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، انفرد بالخلق والتدبير وكل شيء عنده بأجل مقدر، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أفضل من تعبد لله، وصلى وزكى وحج واعتمر صلى الله وسلم عليه وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهر، وعلى أصحابه الذين سبقوا بالخيرات فنعم الصحب والمعشر، وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا الفجر وأنور،أما بعـــــــد:

أيها المؤمنون /عبــــاد الله :-    ها هو عيد الأضحى المبارك يحل ضيفاً على أمة الإسلام في أصقاع الأرض شرقها وغربها شمالها وجنوبها في القرى والمدن في الصحراء وعلى ضفاف الأنهار وسواحل المحيطات والبحار .. اختص الله به أمة  الإسلام من دون سائر الأمم وجعله سبحانه وتعالى عيداً للمسلمين يظهر فيه المسلم توحيده لله وذكره وشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى وهو يومٍ فرح وسرورٍ وتواصل وتعاونٌ وتكافلٌ بين أفراد هذه الأمة الواحدة في عقيدتها ومبادئها وأخلاقها..  فالعيد في حياة الأمة يعد مظهراً من مظاهر التجديد في حياتها .. تجديداً للإيمان والعقيدة في نفوس أبنائها فحجاج بيت الله  ما قصدوا البيت الحرام إلا توحيداً لله واستجابة لنداء الخليل إبراهيم عليه السلام عندما أمره ربه بأن يؤذن في الناس قال تعالى :( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ )[الحج:27].. وصيام يوم عرفة هذا اليوم العظيم ووقوف الحجاج فيه مظهر من مظاهر تجديد الإيمان والوفاء بالعهد والميثاق الذي أخذه الله على كل إنسان بأن يعبده ولا يشرك به شيئاً فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم  بِنَعْمان- يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) "الأعراف: 172، 173" "رواه أحمد وصححه الألباني)  والعيد يأتي بعد ذلك ليؤكد هذه الحقيقة ويشهد على هذا التجديد في نفس المسلم وسلوكه .. وكذلك المسلم الذي يقدم بين يدي الله أضحية العيد لا يريد بها غير وجه الله شعاره (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:162) .. فليحافظ كل مسلم على إيمانه و ليتعاهده بالأعمال الصالحة ومراقبة الله حتى يلقاه على فطرة الإسلام فتزكو نفسه وتطيب حياته ويسعد في آخرته.

عبـــــــاد الله :-  والعيد مظهر من مظاهر تجديد وتطهير النفس البشرية التي أفسدتها الذنوب والمعاصي فيأتي العيد وأيام العشر من ذي الحجة لتكون سبباً في تطهير وتجديد حياة المسلم فالحاج يعود كيوم ولدته أمه قال عليه الصلاة والسلام (مَن حَجّ فَلَم يَرفُث ولَم يَفسُق رَجَع كَيَومِ ولَدَتهُ أُمُّهُ)( البخاري / 1733 و 1734)  وصيام يوم عرفه يكفر سنتين فقد روى مسلم قال صلى الله عليه وسلم : ( صيام عرفة يكفر سنتين ) وفي رواية عند ابن أبي شيبة في مصنفه : ( سنة ماضية وسنة مقبلة ) .. وصلاة العيد وذكر الله بالتكبير والتحميد والتهليل يوم العيد وأيام التشريق فيه تربية للمسلم على عبودية الله وتعظيمه بعد أن ركنت النفوس إلى الدينار والدرهم واللذات والشهوات حتى أنساها الشيطان ذكر الله وقد حذَّر الله من ذلك فقال { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ }[الحشر : 19] .. والله عز وجل يقول (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) [البقرة: 203] وقال تعالى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]

أيها المؤمنون /عبــــاد الله :-   والعيد مظهر  من مظاهر التجديد في سلوك المسلم في نظافته وملابسه الجميلة دون رياء أو كبر
أو إسراف وتبذير ليعلم أن هذا الدين دين النظافة والجمال وهكذا يعيش المسلم طوال حياته فالله جميل يحب الجمال ،نظيف يحب النظافة .. ويظهر التجديد في سلوك المسلم ومعاملة الآخرين من حوله ففي العيد يظهر بر الوالدين وصلة الأرحام وزيارة الأقارب والجيران والمرضى ويظهر التكافل والبذل والعطاء والصدقة والإنفاق والتسامح والتغافر بين المسلمين والتصافح والسلام قال صلى الله عليه وسلم  (إذا تصافح المسلمان لم تفرق أكفهما حتى يغفر لهما) (الألباني /صحيح الجامع [1/44] .. و قال صلى الله عليه وسلم  (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا) الألباني : ( حسن) صحيح الجامع [1 / 1072] .. وكل هذه الأعمال وغيرها في العيد تدفع المسلم إلى معالجة أخطائه والإحسان في معاملته للآخرين من حوله فيظهر المجتمع المسلم بثوبه الجديد .. مجتمع متعاون ومتآلف ومترابط يسود بين أبناءه الحب والود والتراحم.. اللهم وفقنا لما يرضيك، وجنِّبنا ما يسخطك، اللهم اقبل عملنا، واشكر سعينا، واغفر ذنبنا، وتجاوز عن جهلنا، فنحن عبيدُك وأنت ربنا .. قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه

الخطــبة الثانية :    الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاالله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة ، وأصيلاً،
الله أكبر ما أشرقت وجوه الصائمين بشرا .. الله أكبر ما تعالت الأصوات تكبيراً وذكراً ... الله أكبر ما توالت الأعياد عمراً ودهراً ..

فلك المحامد ربَّنا سراً وجهراً .. ولك المحامد ربَّنا دوماً وكرَّا .. لك المحامد ربَّنا شعراً ونثرا ..

أيها المؤمنون /عبـاد الله :في العيد يشعر المسلم بإخوانه المسلمين في بقاع الأرض ويدرك أهمية هذه الأخوة والرابطة الإيمانية بين المسلمين في قوتهم وسعادتهم وهو بذلك يسعى للقيام بواجباته نحوهم وأداء حقوقهم التي شرعها الإسلام وأمر بها وما ذاك إلا لأهميتها.. حيث جعل سبحانه وتعالى الأخوة وسيلة لاكتساب حلاوة الإيمان التي فقدتها القلوب فقال صلى الله عليه وسلم: [ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ] ( البخاري ومسلم) .. و هي طريق المؤمنين وسبيلهم إلى الجنة قال صلى الله عليه وسلم [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ] (رواه مسلم )  .. فكيف لحلاوة الإيمان أن تمتلىء بها قلوبنا وقد ظهرت الخصومات والأحقاد والحسد وفساد ذات البين بين المسلمين حتى تجرا المسلم على أخيه المسلم فسفك دمه  وأكل ماله واستطال في عرضه دون وجه حق .. وتفرق المسلمين إلى جماعات ودول ومذاهب ورايات وعصبيات جعلوها بديلاً عن رابطة الإيمان فحل الشقاء وظهرت الصراعات وفسدت الأحوال واستبدلوا شرع الله وحكمه بقول فلان وعلان ووجد من يضن أن له فضل ومكانة عن غيره من المسلمين بسبب وجاهته او ماله أو سلطانه أو نسبه أو عشيرته ..

 لكن المسلم الحق ينظر في هذا العيد وهذه الأيام ليجد الحقيقة فيرى حجاج بيت الله وقد تخلى كل واحد منهم عن زيه الوطني ولبسه المعتاد ليلبس الجميع ملابس واحدة ذات لون واحد في صعيد واحد يلهجون بذكر واحد فيتذكر أن المسلم أخو المسلم وأنه لافضل لعربي على عجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى وأن المصير المحتوم بعد هذه الدنيا هو لقاء الله والحساب والعقاب والجنة والنار .. فلتكن الإخوة الإيمانية رابطة كل مسلم مع إخوانه وليسعى كل مسلم لجعلها سلوكاً عملياً في الحياة يرضي بها ربه ويقوي بها صفه ويحفظ بها أمته ومجتمعه ووطنه.. قال تعالى ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أمة وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)(الأنبياء:92) وقال تعالى {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52] ..

عبــــــــاد الله : ألا فليقم كل من ضحى إلى أضحيته فله عند الله أجر عظيم وأطعموا منها البائس والفقير والمحروم وتفقدوا أحوال الضعفاء والأيتام والمساكين وأدخلوا عليهم البهجة والفرح والسرور ومن لم يضحي لضيق العيش والحاجة فلا يبتئس ولا يحزن فقد ضحى عنه وغيره من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً من الزمان .. واذكروا الله  كما هداكم، واشكروه على ما أعطاكم؛ وجددوا إيمانكم وحسنوا أخلاقكم و احفظوا دماءكم واجتنبوا الفتن تفوزوا برضا ربكم .. فهنيئاً لكم بالعيد يا أهل العيد ، وأدام الله عليكم أيام الفرح ، وسقاكم سلسبيل الحب والإخاء . ولا أراكم في يوم عيدكم مكروهاً ...  ألا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه ، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، اللهم اجمع شمل المسلمين ، ولم شعثهم ، وألف بين قلوبهم واحقن دمائهم .. اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين .. اللهم تقبل من حجاج بيتك أعمالهم وردهم إلى بلادهم سالمين غانمين واغفر لنا ولهم أجمعين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

مدونة الارض لنا " كل ما يخص المسلم صاحب الهم والدعوة"

قناة الاقصي وتردد جديد