الاثنين، 30 يوليو 2012

{مواقف من حياة سالم بن عبد الله بن عمر}


ها هي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم تَعِــجُّ بغنائم الحرب
التي أحرزها المسلمون من أسلاب " يزدجرد " آخر ملوك " الفرس "...


فلقد كان فيها من تيجان "الأكاسرة " المرصعة بالجوهر...
ومناطقهم المرصوفة باللؤلؤ...
المحلاة بالياقوت والمرجان؛ ما لم تقع عليه عين من قبل..
وقد كان مع هذه الكنوز الطائلة الهائلة حشد كبير من سبايا " الفرس "...
وكان بينهن بنات " يزدجرد " الثلاث...


فشراهن علي رضي الله عنه بثمن جَزْلٍ، وعرض عليهن طائفة من ألمع شباب المسلمين.
فاختارت إحداهن " الحسين بن علي " سِبْطِ رسول الله صلى الله عليه وسلم...
وأنجبت له " زين العابدين "...
واختارت الثانية " محمد بن أبي بكر الصديق " رضي الله عنه...
وأنجبت له " القاسم " أحد فقهاء المدينة السبعة.
واختارت الثالثة " عبدَ الله بن عمر " خليفة المسلمين...
وأنجبت له سالماً حفيدَ الفاروق، وأشبه الناس سمتاً به ...
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

وُلِدَ سالمُ بن عبد الله في رحاب المدينة المنورة مثوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودارِ هجرته.
وفي أجوائها العبقة بطيوب النبوة، المتألقة بسنا الوحي، درج وشب...
وفي كنف العَــبـَّاد الزَّهــَّـاد صوَّام الهواجر قوام الأسحار تربَّى...
وبأخلاقه العمرية تخَـلَّق...
ولقد رأى فيه أبوه من مخايل التقى، وعلائم الهدى... وأبصر في سلوكه من شمائل الإسلام،
وأخلاق القرآن فوق ما كان يراه في إخوته...
فأحبه حباً ملك عليه شغاف قلبه، وخالط منه حباتِ فؤادِه، حتى لامه اللائمون في ذلك فقال:

يلومونني في سالم وألومهم ........ وجِلْــدَةُ بينَ العين والأنفِ سالمُ
وأقبل عليه يبثه ما وعاه صدره من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم...
ويفقهه في دين الله...


كان سعيد بن المسيب يقول: أشبه ولد عمر به عبد الله، وأشبه ولد عبد الله به سالم



في ذات سنة قدم سليمان بن عبد الملك مكةَ حاجاً...
فلما أخذ يطوف طواف القدوم ؛ أبصر سالمَ بنَ عبد الله يجلس قُبالة الكعبة في خضوع...

ويحرك لسانه بالقرآن في تبتل وخشوع..
وعَبَرَاتُهُ تَسِحُّ على خديه سحّاً، حتى لكأن وراء عينيه بحراً من الدموع.

فلما فَرَغ الخليفةُ من طوافه، وصلى ركعتين سنة الطواف؛ توجه إلى حيث يجلس سالمُ بن عبد الله.
فأفسح الناس له الطريق حتى أخذ مكانه بجانبه، وكاد يمس بركبتِه ركبتَه.
فلم يتنبه له سالم ولم يلتفت إليه، لأنه كان مستغرقاً بما هو فيه، مشغولاً بذكر الله عن كل شيء...

وطفق الخليفة يرقب سالماً بطرْفٍ خفي...
ويلتمس فرصة يتوقف فيها عن التلاوة ويكف عن النحيب حتى يكلمه.

فلما واتته الفرصة مال عليه وقال: السلام عليك يا أبا عمر ورحمة الله.

فقال: وعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

فقال الخليفة بصوت خفيض: سَلْنِي حاجةً أقضِها لك يا أبا عمر.

فلم يجبه سالمٌ بشيء.

فظن الخليفة أنه لم يسمعه، فمال عليه أكثر من ذي قبل وقال:
رغبت بأن تسألني حاجة لأقضيها لك.

فقال سالم: والله إني لأستحي أن أكون في بيت الله عز وجل ؛ ثم أسألَ أحداً غيره.

فخجل الخليفة وسكت، لكنه ظل جالساً في مكانه.

فلما قضيت الصلاة، نهض سالم يريد المضي إلى رحله.
فلحقت به جموع الناس...
هذا يسأله عن حديث من أحاديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
وذاك يستفتيه في أمر من أمور الدين...
وثالث يستنصحه في شأن من شؤون الدنيا...
ورابع يطلب منه الدعاء...

وكان في جملة من لحق به خليفة المسلمين سليمان بن عبد الملك،
فلما رآه الناس، وسعوا له حتى حاذى مَنكِبُه مَنكِبَ سالم بن عبد الله...
فمال عليه وهمس في أذنه قائلاً:

ها نحن أولاء قد غدونا خارج المسجد، فسلني حاجة أقضها لك.
فقال سالم:

من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟

فارتبك الخليفة وقال: بل من حوائج الدنيا...

فقال له سالم:

إنني لم أطلب حوائج الدنيا ممن يملكها؛ فكيف أطلبها ممن لا يملكها؟!فخجل الخليفة منه وَحَـيَّـاه، وانصرف عنه وهو يقول:

ما أعزكم آل الخطاب بالزهادة والتقى!!
وما أغناكم بالله جل وعز !! ...
بارك الله عليكم من آل بيتٍ.


وكما أشبه سالمٌ جدَّه الفاروق في الإعراض عن الدنيا والزهادة بعَرَضِها الفاني،
فقد أشبهه أيضاً في الجهر بكلمة الحق مهما كانت ثقيلة الوطأة شديدة التبعات..!
من ذلك أنه دخل على الحجاج ذات مرة في حاجة من حوائج المسلمين.

فرحب به الحجاج وأدنى مجلسه وبالغ في إكرامه..
وفيما هما كذلك؛ إذ أُتي الحجاج بطائفة من الرجال؛ شُعثِ الشعور،
غُبْرِ الأجسام، صفرِ الوجوه، مقرَّنِينَ في الأصفاد [ مقيدين في الحديد ].

فالتفت الحجاجُ إلى سالمٍ وقال:

هؤلاء بغاةٌ مفسدون في الأرض؛ مستبيحون لما حرَّم الله من الدماء.
ثم أعطاه سيفه، وأشار إلى أولهم وقال:

عليك به...
فقم إليه واضرِبْ عنقه...

فأخذ سالم السيف من يد الحجاج، ومضى إلى الرجل...

وقد شخصت أبصار القوم نحوه تنظر ماذا يفعل!!
فلما وقف على الرجل قال له:

أمسلم أنت؟
فقال: نعم

ولكن ما أنت وهذا السؤال ؟!... امض لإنفاذ ما أُمرت به.

فقال له سالم: وهل صليت الصبح؟

فقال الرجل: قلت لك إني مسلم، ثم تسألني: إن كنت صليت الصبح!!

وهل تظن أن هناك مسلماً لا يصلي ؟!
فقال سالم: أسألك أصليت صبح هذا اليوم؟

فقال الرجل: هداك الله، قلت لك نعم
وسألتك أن تنفذ ما أمرك به هذا الظالم، وإلا عرضت نفسك لسخطه!

فرجع سالم إلى الحجاج، ورمى السيف بين يديه وقال:

إن الرجل يقر بأنه مسلم، ويقول: إنه صلى صبح هذا اليوم،
وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

( من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله ).

وإني لا أقتل رجلاً دخل في ذمة الله عز وجل.


فقال له الحجاج مغضباً:‏

إننا لا نقتله على ترك صلاة الصبح ...
وإنما نقتله لأنه ممن أعان على قتل الخليفة عثمان بن عفان.

فقال له سالم:
إن في الناس من هو أولى مني ومنك بدم عثمان.

فسكت الحجاج ، ولم يحر جواباً.

ثم إن أحد شهود المجلس قدم على المدينة وأخبر عبدَ الله بن عمر بما طلبه الحجاج من ابنه سالمٍ،
فلم يتريث حتى يسمع بقية الخبر ...
وإنما بادر محدثه قائلاً: وما صنع سالم بأمر الحجاج؟

فقال له: صنع كذا وكذا.

فسُرِّي عنه، وقال:

كَـيِّـسٌ كَـيِّـسٌ...

عاقِلٌ عاقِلٌ...
لما آلت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز كتب إلى سالم بن عبد الله يقول:أما بعد...
فإن الله عز وجل ابتلاني بما ابتلاني به من ولاية أمر المسلمين عن غير مشورة مني ولا طلب.
فأسأل الله الذي ابتلاني بهذا الأمر أن يعينني عليه.
فإذا جاءك كتابي هذا؛ فابعث لي بكُتُبِ عمرَ بن الخطاب، وأقضِيَتِه، وسيرته..
فإني عازمٌ على أن أتَّبِع سيرَتَه...
وأسير على نهجه إن أعانني الله على ذلك.. والسلام.


فكتب إليه سالمٌ يقول:
أما بعد...
فقد جاءني كتابُك الذي تذكر فيه أن الله عز وجل ابتلاك بإمرة المسلمين
من غير طلب منك ولا مشورة.. وأنك تريد أن تسير بسيرة عمر..

فلا يَـفُـتْـكَ أنك في زمان غيرِ زمان عمر..

وأنه ليس في رجالك من يماثِل رجال عمر..

ولكن اعلم أنك إن نويتَ الحق وأردته؛ أعانك الله عليه، وأتاح لك عمالاً يقومون لك به...

وأتاك بهم من حيثُ لا تحتَسِبُ...

فإنَّ عون الله للعبد على قدر نيته...

فمن تَمَّت نيتُه في الخير تم عونُ الله له،
ومن قصُرت نيتُه نقص من عون الله له بقدر نقص نيته...

وإذا نازعَتْكَ نفسُك إلى شيء مما لا يُرضِى الله عز وجل؛
فاذكر من كان قبلك من ذوي السلطان الذين سبقوك إلى الرحيل عن هذه الدنيا..!

وسلْ نفسَك كيف تفَـقَّـأَت عيونُهم التي كانوا يشهدون بها اللذات،
وكيف تمزقت بطونُهم التي كانوا لا يشبعون بها من الشهوات..!

وكيف صارُوا جيَفاً لو تُركَت إلى جانب مساكننا ولم توارها آكامُ الأرض؛ لضجَجْنا من ريحِها..!
ولمَسَّنا الضرُّ من نَـتْـنِـها.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

_____________________




روي أنه دخل على الخليفة سليمان بن عبد الملك، وعليه ثياب غليظة رثة،
فلم يزل سليمان يرحب به ويرفعه حتى أقعده على سريره، وعمر بن عبد العزيز في المجلس.
فقال له رجل من الناس-وعليه ثياب قيمة-: ما استطاع خالك أن يلبس ثيابا فاخرة أحسن من هذه،
يدخل فيها على أمير المؤمنين؟!
فقال عمر: ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك،
ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك..!

حَجَّ الوليدُ بن عبد الملك، فلما أفاض الناس من " عرفات "،
لقي الخليفةُ سالمَ بنَ عبد الله في " المزدلفة " وهو مُحْرِمٌ؛ فحياه وبيَّاه،
ثم نظر إلى جسده المكشوف فوجده تام البنية، بادي القوة، كأنه بناءٌ مبنيٌّ؛ فقال له:

إنك لحسن الجِسْم يا أبا عمر...

فما أكثرُ طعامِك؟! .

فقال:

الخبزُ والزيتُ ..

وإذا وجدتُ اللحمَ - أحياناً - أكلتُه.

فقال:

الخبزُ والزيتُ؟!.

فقال: نعم.

فقال: أوَ تشتهيه؟!.

فقال :إذا لم أشتهِه أتركُه حتى أجوعَ فأشتهيه..!
________

الخميس، 26 يوليو 2012

مرس وهنية

ان العزة لله جميعا

هنية في قصر الرئاسة يصلي هو ومرسي , سبحانك يارب
اللهم دمها نعمة واحفظها من الزوال 

عبد الله بن سلاَم




سيرة الصحابي عبد الله بن سلام بن الحارث رضي الله عنه ( متعلق بموضوع الصدق)

عبد الله بن سلاَم

سيرة الإمام العالم حبر اليهود وسيّدهم

عندما يُريد الله هداية شخص فإن الله يشرح صدره ، ويُهيئ له أسباب ذلك .

وقد اشتهرت يهود بشدّة العداوة لأمة الإسلام ولنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام
( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ )


ولذا فإنه لم يُسلم منهم إلا أُناس يُعدّون على الأصابع
ومن هنا قال عليه الصلاة والسلام : لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود . رواه البخاري ومسلم .

فاليهود أهل عناد ومُكابرة ، وهم المغضوب عليهم

وأريد أن أتناول سيرة رجل من يهود بني قينقاع
بل هو عالم من علمائهم
وسيّـد من ساداتهم

ذلكم هو عبد الله بن سلاَم

اسمه :
عبد الله بن سلام بن الحارث

كنيته :
أبو يوسف من ذرية يوسف عليه السلام
صحابي جليل ، وهو من بني إسرائيل ، بل هو من ذُريّـة يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام .
كان عبد الله يهودياً من يهود بني قينقاع ، فأراد الله به خيراً فأسلم .

قال عنه الذهبي في السير : الإمام الحبر ، المشهود له بالجنة حليف الأنصار ، من خواص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
أسلم مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .

إســلامــه:

لِنَدَعـه يُحدّثنا بقصته
قال رضي الله عنه
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه ، وقيل : قدم رسول الله صلَّ الله عليه وسلم ، فجئت في الناس لأنظر إليه ، فلما استثبتُّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ، وكان أولُ شيء تكلم به أن قال : أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصَلُّـوا والناسُ نيام تدخلوا الجنة بسلام . رواه احمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح .

ولا يعرف الفضل لأهله إلا أهل الفضل

أسئلته للنبي صلَّ الله عليه وسلم

لما عرف تيقّن أنه ليس بكذّاب أراد أن يسأله عن أشياء لا يعرفها إلا نبي
روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : سَمِعَ عبدُ الله بن سلام بقدوم رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وهو في أرض يخترف ، فأتى النبيَ صلى الله عليه وسلم فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي :
فما أول أشراط الساعة
وما أول طعام أهل الجنة
وما ينـزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه ؟
قال : أخبرني بهن جبريل آنفا .
قال : جبريل ؟!
قال : نعم .
قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة !
فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ )
ثم قال :
أما أولُ أشراط الساعة فنار تحشرُ الناس من المشرق إلى المغرب
وأما أولُ طعامِ أهل الجنة فزيادة كبدِ حوت
وإذا سبق ماءُ الرجل ماء المرأة نـزع الولد ، وإذا سبق ماءُ المرأة نزعت .
قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله ، يا رسول الله إن اليهود قومٌ بُهْت ، وإنـهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني .
فجاءت اليهود فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أيُّ رجلٍ عبدُ الله فيكم ؟
قالوا : خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا .
قال : أرأيتم إن أسلم عبدُ الله بن سلام ؟
فقالوا : أعاذه الله من ذلك !
فخرج عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
فقالوا : شرُّنا وابن شرِّنا وانتقصوه !
قال : فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله .

وفي رواية للبخاري :
جاء عبد الله بن سلام فقال : أشهد أنك رسول الله وأنك جئت بحق وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم ، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت ، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيّ ما ليس فيّ ، فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبلوا فدخلوا عليه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقا وأني جئتكم بحق فأسلموا . قالوا : ما نعلمه .
قال : فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟
قالوا : ذاك سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا !
قال : أفرأيتم إن أسلم ؟
قالوا : حاشى لله ما كان ليسلم !
قال : أفرأيتم إن أسلم ؟
قالوا : حاشى لله ما كان ليسلم !
قال : أفرأيتم إن أسلم ؟
قالوا : حاشى لله ما كان ليسلم !
قال : يا ابن سلام اخرج عليهم ، فخرج ، فقال : يا معشر اليهود اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، وأنه جاء بحق .
فقالوا : كذبت فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفيه نزل قوله تعالى : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ )
ولهذه الآية قصة فعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال : انطلق النبي صلَّ الله عليه وسلم يوما وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة يومَ عيدٍ لهم ، فكرهوا دخولنا عليهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر اليهود أروني اثني عشر رجلا يشهدون أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يُحبط الله عن كلِّ يهوديٍ تحت أديم السماء الغضب الذي غضب عليه .
قال : فأسكتوا ما جاء به منهم أحد .
ثم رد عليهم فلم يجبه أحد .
ثم ثلّث فلم يجبه أحد .
فقال : أبيتم ! فوالله إني لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا النبي المصطفى آمنتم أو كذبتم .
ثم انصرف وأنا معه حتى إذا كدنا أن نخرج فنادى رجل من خلفنا : كما أنت يا محمد .
قال : فأقبل ، فقال ذلك الرجل : أي رجل تعلمون فيكم يا معشر اليهود ؟
قالوا : والله ما نعلم أنه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله منك ولا أفقه منك ولا من أبيك قبلك ولا من جدك قبل أبيك . قال : فإني أشهد له بالله إنه نبي الله الذي تجدونه في التوراة . قالوا : كذبت . ثم ردوا عليه قوله وقالوا فيه شرا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كَذَبْتم لن يقبل الله قولكم . أمّا آنفا فتُثنون عليه من الخير ما أثنيتم ، ولما آمن كذّبتموه وقلتم فيه ما قلتم ، فلن يقبل الله قولكم . قال : فخرجنا ونحن ثلاثة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وعبد الله بن سلام وأنزل الله عز وجل فيه الآية . أخرجه الإمام أحمد في المسند والحاكم في المستدرك وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في التلخيص وأخرجه ابن حبان والطبراني في الكبير وفي مسند الشاميين . وهو حديث صحيح .
فيُحتمل أن تكون القصة وقعت لفريقين من اليهود دون علم كلِّ فريق بما حصل للآخر ، وذلك أن رواية البخاري جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليهم فجاءوا ، والرواية الأخرى أنه دخل عليهم كنيسة لهم في يوم عيد لهم .


ومن فضائله :

من فضائله رضي الله عنه أنه من المبشرين بالجنة
فعن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلَّ الله عليه وسلم أُتِىَ بقصعةٍ فأكل منها ففضلت فضلة فقال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم : يجئ رجل من هذا الفج من أهل الجنة يأكل هذه الفضلة .
قال سعْدٌ : وكنت تركت أخي عميراً يتوضأ . قال فقلت : هو عمير .
قال : فجاء عبد الله بن سلام . رواه أحمد وغيره .

وفي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض : إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام . قال : وفيه نزلت هذه الآية ( وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ) الآية .


وأنه ممن يؤتون أجورهم مرتين

فعبدالله بن سلام من الذين يؤتون أجرهم مرتين . لقوله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لهم أجران : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلَّ الله عليه وسلم ، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ، ورجل كانت عنده أمةٌ يطؤها فأدبـها فأحسن تأديبها وعلّمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران . أخرجه البخاري ومسلم .
وفيه _ أي في عبدالله بن سلام _ نـزل قوله تعالى : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ )
فعلى رأي بعض المفسرين أن الذي عنده علم من الكتاب هو عبد الله بن سلام .

وأخرج البخاري ومسلم عن قيس بن عُبَاد قال : كنت جالسا في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع فقالوا : هذا رجل من أهل الجنة ، فصلى ركعتين تجوّز فيهما ثم خرج وتبعته فقلت : إنك حين دخلت المسجد قالوا : هذا رجل من أهل الجنة . قال : والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم ، وسأحدثك لم ذاك رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه ورأيت كأني في روضة _ ذَكَرَ من سَعتها وخضرتـها _ وسَطَها عمودٌ من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عُروة ، فقيل لي : ارقـه . قلت : لا أستطيع . فأتاني منصف _ والمنصف الخادم _ فرفع ثيابي من خلفي فرَقَيْتُ حتى كنت في أعلاها ، فأخذت بالعروة فقيل لي استمسك فاستيقظت وإنـها لفي يدي فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تلك الروضة الإسلام ، وذلك العمود عمود الإسلام ، وتلك العروة العروة الوثقى ، فأنت على الإسلام حتى تموت . قال الراوي : وذاك الرجل عبد الله بن سلام .




ومن مناقبه رضي الله عنه أنه نصر عثمان يوم الدار .

وفاته :

توفي رضي الله عنه بالمدينة سنة ثلاث وأربعين .

فرضي الله عنه وأرضاه

هذا شيء من خبره رضي الله عنه ، وهو من علماء أهل الكتاب
ولكنه عرف الحق واتّـبـعه
ثم قارن هذا الموقف منه رضي الله عنه بموقف آخر لعالم من علماء اليهود وقد عرف الحق أيضا ذلكم هو شيطان بني النضير حُيي بن أخطب ، فقد حدّثت عنه ابنته صفية – رضي الله عنها – فقالت : كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر ، لم ألقهما قط مع ولدٍ لهما إلا أخذاني دونه . قالت : فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف غدا عليه أبي حُيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين ، فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس ، فأتيا كالَّيْن كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا قالت : فهششت إليهما كما كنت أصنع ، فوالله ما التفت إلي واحد منهما مع ما بهما من الغمّ . قالت : وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حُيي بن أخطب : أهو هو ؟ قال : نعم والله قال :أتعرفه وتثبته ؟ قال : نعم . قال : فما في نفسك منه ؟ قال : عداوته والله ! رواه ابن إسحاق في السيرة فيما ذكره ابن هشام .

فكلهم صدّقوا وعرفوا أنه النبي الذي يجدونه عندهم في التوراة
ولكن من عرف وأقر وتابع نجا
ومن عرف ولم يُتابع ولم يُقرّ فما له من نجاة .

بقلم الشيخ : عبدالرحمن السحيم

وقفات في الصدق



سلطان بن فهد الطبيشي

هذه وقفات في الصدق، ننظر فيها لسبيل الصادقين، وأحوال المؤمنين. فما أحوجنا إلى الوقوف على عيوب أنفسنا، وقصورها في جانب الصدق، هذا الجانب المهم الذي ظهر ضعف الناس فيه، وانتشر فيهم خلافه، فأحببت أن أجمع فيه ما كتب الله؛ لنقف معه بعض هذه الوقفات.

وما أحسن ما قيل في ذلك:

عليك بالصدق ولو أنه   ***  أحرقك الصدق بنار الوعيد

وابغ رضا المولى فأغبى الورى  ***  من أسخط المولى وأرضى العبيد



الوقفة الأولى:

الصدق هو: نقيض الكذب، ومطابقته للواقع. ومنه رجل صدوق أبلغ من الصادق، و المُصَدِّق: الذي يصدقك في حديثك، و الصِدِّيق: الدائم التصديق ويكون الذي يصدق قوله بالعمل، وفي التنزيل {وأمه صديقة} المائدة: 75} أي مبالغة في الصدق(1).

وهو عنوان الإسلام، وميزان الإيمان، وأساس الدين، وعلامة على كمال المتصف به، وله المقام الأعلى في الدين والدنيا، وبه تميز أهل الإيمان من أهل النفاق، وسكان الجنان من أهل النيران. وبه يصل العبد إلى منازل الأبرار، وبه تحصل النجاة من النار.

وقد وُصِف النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصادق الأمين، وهذا ما عرفته قريش منه قبل البعثة، ووصف يوسف - عليه السلام - بذلك أيضاً {يوسف أيها الصديق} يوسف: 46}، ووصف به أيضاً خليفة رسول الله أبو بكر الصديق، مما يدلل ما للصدق من أهمية في حياة الأنبياء وأتباعهم؛ لذا فأعلى مراتب الصدق مرتبة الصديقية وهي: كمال الانقياد للرسول، مع كمال الإخلاص للمرسل.

قال ابن كثير: الصدق خصلة محمودة؛ ولهذا كان بعض الصحابة - رضي الله عنهم - لم تجرب عليهم كذبة لا في الجاهلية، ولا في الإسلام، وهو علامة على الإيمان، كما أن الكذب أمارة على النفاق، ومن صدق نجا(2).



الوقفة الثانية:

 ورد الصدق في القرآن الكريم في عدة آيات فيها حث على الصدق، وكونه ثمرة الإخلاص والتقوى، فمنها:

1- قوله - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} التوبة: 119} أي: كونوا مع الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، الذين أقوالهم صدق وأعمالهم وأحوالهم لا تكون إلا صدقاً خالية من الكسل والفتور، سالمة من المقاصد السيئة مشتملة على الإخلاص والنية الصالحة(3).

2- وقوله - تعالى -: {ليجزي الله الصادقين بصدقهم }الأحزاب: 24} أي بسبب صدقهم في أقوالهم وأحوالهم، ومعاملتهم مع الله، واستواء ظاهرهم وباطنهم(4).

3- وقال الله - تعالى -: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا} المائدة: 119} أي أن صدقهم في الدنيا ينفعهم في القيامة، وأن العبد لا ينفعه يوم القيامة ولا ينجيه من عذابه إلاّ الصدق.

4- وقال - تعالى -: {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم} يونس: 2} أي إيماناً صادقاً بأن لهم جزاء موفور، وثواب مدخور عند ربهم بما قدموه وأسلفوه من الأعمال الصالحة الصادقة(5).

وقال ابن عباس قدم صدق منزل صدق، دليله قوله - تعالى -: {وقل رب أدخلني مدخل صدق}الإسراء: 80} وعنه أيضاً: أجراً حسناً بما قدموا من أعمالهم(6).

5- وقال - تعالى -: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون}الزمر: 33}.

قال ابن القيم: فلا يكفي صدقك بل لا بد من صدقك وتصديقك للصادقين؛ فكثير من الناس يصدق، ولكن يمنعه من التصديق كبر أو حسد أو غير ذلك(7).

6- ووصف الله نفسه به فقال - سبحانه -: {قل صدق الله} آل عمران: 95} وقال - سبحانه -: {ومن أصدق من الله حديثا} النساء: 87}.

7- وقد قال - تعالى -: {قدم صدق} يونس: 2}، وقال أيضاً: {لسان صدق} مريم: 50} وقال أيضاً: {مقعد صدق} القمر: 55}، وقال أيضاً: {مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} الإسراء: 80}.

قال الله - تعالى -: {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم}يونس: 2} قال ابن عباس (قدم صدق): منزل صدق بما قدموا من أعمالهم.

وقال - تعالى -: {وجعلنا لهم لسان صدق عليا} مريم: 50} فعن ابن عباس في قوله - تعالى -: {وجعلنا لهم لسان صدق عليا} مريم: 50} قال: الثناء الحسن.

وقال - تعالى -: {إن المتقين في جنات ونهر 54 في مقعد صدق} {54، 55} أي: مجلس حق لا لغو فيه، ولا تأثيم وهو الجنة(8).

وقوله: {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} الإسراء: 80} أي: اجعل مداخلي ومخارجي كلها في طاعتك، وعلى مرضاتك وذلك لتضمنها الإخلاص وموافقتها الأمر(9).

قال ابن القيم: فهذه خمسة أشياء: (مدخل الصدق)، و(مخرج الصدق)، و(لسان الصدق)، و(قدم الصدق)، و(مقعد الصدق) وحقيقة الصدق في هذه الأشياء هو: الحق الثابت المتصل بالله الموصل إلى الله، وهو ما كان به وله من الأقوال والأعمال، وجزاء ذلك في الدنيا والآخرة ف(مدخل الصدق، ومخرج الصدق) أن يكون دخوله وخروجه حقاً ثابتاً بالله وفي مرضاته بالظفر بالبغية وحصول المطلوب ضد مخرج الكذب ومدخله الذي لا غاية له يوصل إليها، ولا له ساق ثابتة يقوم عليها كمخرج أعدائه يوم بدر ومخرج الصدق كمخرجه هو وأصحابه في تلك الغزوة، وكذلك مدخله المدينة كان مدخل صدق بالله، ولله وابتغاء مرضاة الله فاتصل به التأييد والظفر والنصر وإدراك ما طلبه في الدنيا والآخرة بخلاف مدخل الكذب الذي رام أعداؤه أن يدخلوا به المدينة يوم الأحزاب فإنه لم يكن بالله، ولا لله بل كان محادة لله ورسوله؛ فلم يتصل به إلاّ الخذلان والبوار، وكذلك مدخل من دخل من اليهود المحاربين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصن بني قريظة فإنه لما كان مدخل كذب أصابه معهم ما أصابهم فكل مدخل معهم، ومخرج كان بالله ولله وصاحبه ضامن على الله فهو مدخل صدق ومخرج صدق، وكان بعض السلف إذا خرج من داره رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أخرج مخرجاً لا أكون فيه ضامناً عليك يريد أن لا يكون المخرج مخرج صدق، ولذلك فسر مدخل الصدق ومخرجه بخروجه من مكة ودخوله المدينة، ولا ريب أن هذا على سبيل التمثيل فإن هذا المدخل والمخرج من أجل مداخله ومخارجه وإلاّ فمداخله كلها مداخل صدق ومخارجه مخارج صدق إذ هي لله وبالله وبأمره ولابتغاء مرضاته وما خرج أحد من بيته ودخل سوقه أو مدخلاً آخر إلا بصدق أو بكذب فمخرج كل واحد ومدخله لا يعدو الصدق والكذب(10).



الوقفة الثالثة:

 ورد في السنة أحاديث كثيرة في فضل الصدق منها:

1- عن ابن مسعود - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وما يزال العبد يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً). رواه البخاري ومسلم(11).

قال المناوي في شرحه لهذا الحديث: (عليكم بالصدق) أي: القول الحق، وقد يستعمل في أفعال الجوارح كصدق فلان في القتال إذا وفاه حقه (فإن الصدق يهدي إلى البر) أي: إلى العمل الصالح الخالص، والبر هو اسم جامع للخير (وإن البر يهدي إلى الجنة) أي: يوصل إليها قال ابن العربي: بين أن الصدق هو الأصل الذي يهدي إلى البر كله، وذلك لأن الرجل إذا تحرى الصدق لم يعص أبداً؛ لأنه إن أراد أن يشرب أو يزني أو يؤذي خاف أن يقال له زنيت أو شربت فإن سكت جر الريبة، وإن قال: لا، كذب، وإن قال: نعم، فسق، وسقطت منزلته وذهبت حرمته (وما يزال الرجل يصدق) في كلامه (ويتحرى الصدق) أي: يجتهد فيه (حتى يكتب عند الله صديقاً) أي: يحكم له بذلك ويستحق الوصف بمنزلة الصديقية (وإياكم والكذب) أي: احذروه (فإن الكذب يهدي إلى الفجور) أي: يوصل إلى الميل عن الاستقامة والانبعاث في المعاصي (وإن الفجور يهدي إلى النار) أي: يوصل إليها (وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) أي: يحكم له بذلك ويستحق الوصف بمنزلة الكذابين وعاقبتهم(12).

2- عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم". رواه أحمد(13).

3- عن أبي أمامة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا زعيم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحاً). رواه البيهقي" (14).

4- عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يعرف المؤمن بوقاره ولين كلامه وصدق حديثه"(15).



الوقفة الرابعة:

 وورد عن السلف كلام حول الصدق وحقيقته فمنه:

1- قول عمر - رضي الله عنه -: عليك بالصدق وإن قتلك.

2- وقال عمر بن الخطاب أيضاً: لأن يضعني الصدق أحب إليّ من أن يرفعني الكذب.

3- وقال الحسن البصري: إن أردت أن تكون مع الصادقين فعليك بالزهد في الدنيا والكف عن أهل الملة.

4- قال يوسف بن أسباط: ما صدق الله عبد إلا صنع له.

5- وقال أحمد بن حنبل: لو وضع الصدق على جرح لبرأ.

6- قال أبو سعيد القرشي: الصادق الذي يتهيأ له أن يموت ولا يستحي من سره لو كشف قال الله - تعالى -: {فتمنوا الموت إن كنتم صادقين} البقرة: 94}.

7- وقال عبد الواحد بن زيد: الصدق الوفاء لله بالعمل.

8- وقال بشر الحافي: من عامل الله بالصدق، استوحش من الناس.

9- وقيل هو: موافقة السر النطق.

10- وقيل هو: استواء السر والعلانية - يعني أن الكاذب علانيته خير من سريرته كالمنافق الذي ظاهره خير من باطنه -.

11- وقيل: الصدق القول بالحق في مواطن الهلكة.

12- وقيل: كلمة الحق عند من تخافه وترجوه(16).

13- وقال بعضهم: من لم يؤد الفرض الدائم لم يقبل منه الفرض المؤقت، قيل: وما الفرض الدائم؟ قال: الصدق.

14- وقيل: من طلب الله بالصدق أعطاه مرآة يبصر فيها الحق، والباطل.

15- وقيل: عليك بالصدق حيث تخاف أنه يضرك فإنه ينفعك، ودع الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك.

الوقفة الخامسة: أنواع الصدق.

الصدق أنواع وليس بنوع واحد؛ لذا يتبين لنا خطأ الكثير الذين يعتقدون أن الصدق هو في الأقوال فقط؛ بل الصواب أنه في الأقوال والأفعال والأحوال.

قال ابن القيم: فالذي جاء بالصدق هو من شأنه الصدق في قوله وعمله وحاله؛ فالصدق في هذه الثلاثة:

1- فالصدق في الأقوال استواء اللسان على الأقوال كاستواء السنبلة على ساقها.

2- والصدق في الأعمال استواء الأفعال على الأمر والمتابعة كاستواء الرأس على الجسد.

3- والصدق في الأحوال استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص واستفراغ الوسع وبذل الطاقة فبذلك يكون العبد من الذين جاءوا بالصدق، وبحسب كمال هذه الأمور فيه وقيامها به تكون صديقيته؛ ولذلك كان لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وأرضاه ذروة سنام الصديقية سمي الصديق على الإطلاق(17).

ويمكن أن نوضح ما سبق بما يلي:

1- فالصدق في الأقوال: أنه يجب على كل عبد أن يحفظ لسانه، ولا يتكلم إلا بالصدق، والله سائله عن ذلك، قال - تعالى -: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون}  النور: 24}. وينبغي للمسلم أن يحترز عن المعاريض إلاّ لحاجة، وتقتضيها المصلحة، قال عمر بن الخطاب: إن في المعارض غني عن كذب(18). ويدخل في ذلك الصدق في الأخبار، ويندرج تحته الوفاء بالوعد.

2- الصدق في الأعمال، وهو أن تستوي سريرته وعلانيته، بحيث لا يكون ظاهره خلاف باطنه. قال عبد الواحد بن زيد البصري: كان الحسن البصري إذا أمر بشيء كان أعمل الناس به، وإذا نهى عن شيء كان من أترك الناس له، ولم أر أحد قط أشبه سريرته بعلانيته منه. وقال مطرف: إذا استوت سريرة العبد وعلانيته قال الله - عز وجل -: هذا عبدي حقاً.

3- الصدق في الأحوال، وهو أعلى الدرجات الصدق، كالصدق في الإخلاص والخوف، والتوبة، والرجاء والزهد والحب والتوكل وغيرها، ولهذا كان أصل أعمال القلوب كلها الصدق، فمتى صدق المسلم في هذه الأحوال ارتفعت نفسه وعلت مكانته عند الله - عز وجل - قال - تعالى -: {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على" حبه ذوي القربى" واليتامى" والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}البقرة: 177}، وقال - تعالى -: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} الحجرات: 15}.

قال ابن القيم: ولذلك كان لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وأرضاه ذروة سنام الصديقية، سمي (الصديق) على الإطلاق والصديق أبلغ من الصدوق والصدوق أبلغ من الصادق؛ فأعلى مراتب الصدق مرتبة الصديقية وهي كمال الانقياد للرسول مع كمال الإخلاص للمرسل(19).

فإذا حقق المسلم هذه المراتب كان حقاً من الصديقين.



الوقفة السادس: ثمرات الصدق وفوائده:

للصدق ثمرات وفوائد عاجلة في الدنيا، وعواقب حميدة في الآخرة، فمن ثمراته وفوائده:

1- دخول الجنة، فقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما عمل الجنة؟ قال: "الصدق". رواه أحمد(20). ولا ينفعه يوم القيامة، ولا ينجيه من عذابه إلاّ صدقه، قال - تعالى -: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا - رضي الله عنهم - ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم} المائدة: 119}.

2- التوفيق لكل خير، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لكعب بن مالك - وهو من الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك -: "أما هذا فقد صدق". رواه البخاري ومسلم(21).

3- النجاة من المهالك، وتفريج الضيق والكرب؛ فقد جاء في حديث الثلاثة الذين أطبقت عليهم الصخرة: "لا ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه". رواه البخاري(22). وجاء في حديث فيه ضعف عن منصور بن المعتمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تحروا الصدق وإن رأيتم فيه الهلكة فإن فيه النجاة"(23).

قال الربيع بن سليمان:

صبر جميل ما أسرع الفرجا   ***   من صدق الله في الأمور نجا

من خشي الله لم ينله أذى   ***  من رجا الله كان حيث رجا(24)

4- صلاح الباطن؛ فمن صدق في أعماله الظاهرة صدق باطنه.

5- أن بالصدق تستجلب مصالح الدنيا والآخرة. قال - تعالى -: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} المائدة: 119}.

6- أن الصدق يورث الطمأنينة والسكون. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصدق طمأنينة والكذب ريبة". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح(25).

7- أن صاحب الصدق لا تضره الفتن.

8- أن الصدق هو أصل البر، والكذب أصل الفجور كما في الصحيحين(26) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "عليكم بالصدق فان الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب؛ فان الكذب يهدي إلى الفجور، وان الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً".

9- انتفاء صفة النفاق عن الصادق، ففي الصحيحين(27) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث من كن فيه كان منافقاً، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان".

10- أن الصادق تنزل عليه الملائكة، والكاذب تنزل عليه الشياطين كما قال - تعالى -: هل أنبئكم على" من تنزل الشياطين 221 تنزل على" كل أفاك أثيم 222 يلقون السمع وأكثرهم كاذبون} الشعراء: 221 - 223}.

11- أن الصادق يرزق صدق الفراسة.

12- من صدقت لهجته، ظهرت حجته، وهذا من سنة الجزاء من جنس العمل؛ فإن الله يثبّت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة، فيلهم الصادق حجته ويسدد منطقه، حتى أنه لا يكاد ينطق بشيء يظنه إلاّ جاء على ما ظنه كما قال عامر العدواني: إني وجدت صدق الحديث طرفاً من الغيب فاصدقوا.

13- من اعتاد الصدق حظي بالثناء الحسن الجميل من سائر الناس وثقتهم كما ذكر الله - عز وجل - ذلك عن أنبيائه الكرام {وجعلنا لهم لسان صدق عليا} مريم: 50} والمراد باللسان الصدق: الثناء الحسن كما سبق عن ابن عباس.

14- أن الصدق في البيع يجلب البركة، فعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبينا بُورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما" رواه البخاري ومسلم(28).



الوقفة السابعة: قصص في صدق السلف

لقد كان للأنبياء والصالحين مع الصدق قصص عجيبه يتجلى فيها حبهم للصدق وحرصهم عليهم، وقد ذكرت في بداية الكلام اتصاف نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وكذلك غيره، فمن ذلك:

1- خطب بلال لأخيه امرأة قرشية فقال لأهلها: نحن من قد عرفتم كنا عبدين فأعتقنا الله - تعالى -، وكنا ضالين فهدانا الله - تعالى -، وكنا فقيرين فأغنانا الله - تعالى -، وأنا أخطب إليكم فلانة لأخي، فإن تنكحوها له فالحمد لله - تعالى -، وإن تردونا فالله أكبر؛ فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: بلال ممن عرفتم سابقته ومشاهده ومكانه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزوجوا أخاه فزوجوه فلما انصرفوا قال له أخوه: يغفر الله لك أما كنت تذكر سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتترك ما عدا ذلك فقال: مه يا أخي صدقت فأنكحك الصدق(29).

2- عن سهل بن عقيل قال: أن إسماعيل - عليه السلام - وعد رجلاً أن يأتيه فجاء ونسي الرجل، فظل به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد فقال: ما برحت من ههنا؟ قال: لا. قال: إني نسيت. قال: لم أكن لأبرح حتى تأتيني.

ولذلك {كان صادق الوعد} مريم: 54} أخرجه ابن جرير في تفسيره وقال عند قوله - تعالى -: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا} مريم: 54} يقول - تعالى - ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: واذكر يا محمد في هذا الكتاب إسماعيل بن إبراهيم فاقصص خبره إنه كان لا يكذب وعده ولا يخلف ولكنه كان إذا وعد ربه أو عبداً من عباده وعداً وفى به(30).

3- قال الشافعي: حدثنا عمي، قال: دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك فقال: يا سليمان من الذي تولى كبره منهم؟ قال: عبد الله بن أبي ابن سلول، قال: كذبت هو علي، فدخل ابن شهاب فسأله هشام فقال: هو عبد الله بن أبي، قال: كذبت هو علي، فقال - الزهري -: أنا أكذب لا أبا لك، فوالله لو نادى مناد من السماء إن الله أحل الكذب ما كذبت(31).

4- قال أسعد بن عبيد الله المخزومي: أمرني عبد الملك بن مروان أن أعلم بنيه الصدق كما أعلمهم القرآن(32).

5- قال إسماعيل بن عبيد الله: لما حضرت أبي الوفاة جمع بنيه فقال لهم: يا بَنِي عليكم بتقوى الله، وعليكم بالقرآن فتعاهدوه، وعليكم بالصدق حتى لو قَتَل أحدكم قَتيلاً، ثم سئل عنه أقر به، والله ما كذبت كذبة قط مذ قرأت القرآن.

6- قال الأصمعي عن عمه قال: أتى رجل الحجاج بن يوسف فقال ربعي بن حراش - زعموا لا يكذب - وقد قدم ابناه عاصيين فابعث إليه فاسأله فإنه سيكذب، فبعث إليه الحجاج فقال: ما فعل ابناك ياربعي، فقال: هما في البيت، والله المستعان، فقال له الحجاج: هما لك، وأعجبه صدقه(33).

7- وخطب الحجاج في يوم الجمعة فأطال الخطبة، فقام إليه رجل فقال: إن الوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك. فأمر به إلى الحبس فأتاه آل الرجل فقالوا: إنه مجنون، فقال: إن أقر على نفسه بما ذكرتم خليت سبيله، فقال الرجل: لا والله لا أزعم أنه ابتلاني وقد عافاني، فبلغ ذلك الحجاج فعفا عنه لصدقه (34).

8- وسمي جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالصادق لصدقه في مقاله.

الوقفة الثامنة: مظاهر من غياب الصدق في حياة المسلمين اليوم:

الناظر في حال الناس اليوم يرى قصورهم في جانب الصدق، ولعل السبب يكمن في ضعف الإيمان في قلوب كثير من المسلمين؛ فقد انتشرت الذنوب والمعاصي بينهم، وغلب حب الدنيا في حياة الناس، وأصبح الخوف من المخلوقين غالب مما جعل الصدق يغيب عن أقوال الناس، وأفعالهم، وأحوالهم، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصدق طمأنينة والكذب ريبة". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح(35). فالطمأنينة فُقدت في تعاملات الناس مع بعضهم البعض، وظهرت الريبة بدلاً عنها.

فمن المظاهر المنتشرة:

1- انتشار الكذب في كلام الناس، وفي أفعالهم، وهو من كبائر الذنوب، قال - تعالى -: {فنجعل لعنة الله على الكاذبين} آل عمران: 61}، ففي الصحيحين(36) وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث من كن فيه كان منافقاً إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان".

2- انتشار إخلاف الوعد، وكما في الحديث السابق شيء من صفات المنافقين، وأصبح إخلاف الوعد أمراً ظاهراً في حياة الناس، حتى إنك أصبحت تعرف أُناساً عُرفوا بإخلاف الوعد.



ومن صور إخلاف الوعد:

التخلف عن الحضور بلا عذر، أو التأخر في المواعيد، فمثلاً: تُواعِدُ شخصاً الساعة الثامنة فيأتي إليك الساعة التاسعة، ويعتذر بأنه مر على محل لشراء أغراض تخصه. وإنه لمن المحزن أن ترى إخلاف الوعد من أناس سيماهم الخير، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله. ويدخل في ذلك إخلاف الوعد للأبناء بشراء شيء، أو إعطائهم شيء، قال عبد الله بن مسعود: لا يصلح الكذب في هزل ولا جد، ولا أن يعد أحدكم صبيه شيئاً ثم لا ينجزه له(37).

3- خيانة الأمانة، حيث ترى الكثير من الناس لا يقوم بالواجب عليه تجاه ما هو مطلوب منه، فمثلاً: عدم قيام الموظف بما مطلوب منه في عمله؛ فتجده يتأخر في الحضور للعمل، وإذا حضر يشغل وقته بما لا يخدم العمل من اتصالات بالهاتف أو غيره، إلى قراءة الجرائد فضلاً عمن يشاهد القنوات الفضائية مع وجود أعمال لم ينجزوها. ويدخل في ذلك أخذ إجازات مرضية وهو غير مريض، ونسي أنه يأخذ مالاً من الدولة على هذا العمل؛ فبأي حق يأخذ هذا المال من فعل ذلك، وقس على ذلك بقية الأعمال.

4- الغش في البيع بإخفاء عيب السلع، فتجد البائع يعرف عن سلعته عيباً لا يخبر بها المشترى، ويعتذر بأن هذه وظيفة المشتري، وكذلك رغبته في أن تباع بسعر جيد، مع أن إخفاء العيب يذهب البركة؛ فعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بُورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما" رواه البخاري ومسلم(38).

5- ادعاء الحاجة والفقر، وهو غني؛ فإنما يسأل للتكثر، وقد ورد النهي عن ذلك، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل الناس أموالهم تكثراً، فإنما يسأل جمراً؛ فليستقل أو ليستكثر"(39).

6- إخفاء كلِّ من الخاطب والمخطوبة ما فيه من عيب، سواء كانت خَلقية أو خُلقية، وإبراز المحاسن وتضخيمها، والمبالغة في المدح، وهذا يمحق بركة الزواج. فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس: أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة - وهو غائب - فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله مالك علينا من شيء، فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فقال: "ليس لك عليه نفقة"؛ فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك؛ فإذا حللت فآذنيني"، قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد، فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة، فنكحته فجعل الله فيه خيراً واغتبطت". رواه ومسلم(40). فلم تمنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما في معاوية بن أبي سفيان، وأبي الجهم من العيوب عندما سئل عنها؛ بل ذكرها، وهذا من الصدق والأمانة، وبعض الناس إن سَأَلْتَهُ عن خاطب أو مخطوبة قال: الستر مطلوب، وهذا ليس بصحيح فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يمتنع من ذكر العيوب لأن فيها مصلحة.

هذا ونسأل أن يوفقنا للصواب في أقوالنا، وأعمالنا، وأن يوفقنا للصدق في السر والعلانية، وأن يجعلنا من الصديقين إنه جواد كريم، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين



––––––––––––––------------––––------–-

الهوامش:

(1)ينظر لسان العرب 10 - 193- 194.

(2)تفسير ابن كثير 3- 643.

(3)تفسير ابن سعدي ص 355.

(4)تفسير ابن سعدي ص 661.

(5)تفسير ابن سعدي ص 661.

(6)الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8 - 306.

(7)مدارج السالكين لابن القيم 1-475.

(8)الجامع لأحكام القرآن 17 - 150.

(9)تفسير ابن سعدي ص 465.

(10)مدارج السالكين لابن القيم 2- 270.

(11)البخاري (5743)، ومسلم (2607).

(12)فيض القدير للمناوي 4- 343.

(13)مسند أحمد 5- 323.

(14)شعب الإيمان (8017).

(15)الاستذكار لابن عبد البر 8- 574.

(16)مدارج السالكين 2- 274.

(17)مدارج السالكين 2 - 270.

(18)الزهد لهناد بن السري 2- 636.

(19) مدارج السالكين 2 - 270.

(20) مسند أحمد 2- 176.

(21) البخاري (4156)، ومسلم (2769).

(22) البخاري (3279).

(23) ابن الدنيا في كتاب الصمت (448).

(24) شعب الإيمان للبيهقي 2- 37.

(25) الترمذي (2518).

(26) البخاري (5743)، ومسلم (2607).

(27) البخاري (33)، ومسلم (59).

(28) البخاري (1973)، ومسلم (1532).

(29) تاريخ دمشق 14 - 383، والمستطرف 2- 15.

(30) تفسير ابن جرير الطبري 15 - 561.

(31) سير أعلام النبلاء 5- 339.

(32) ابن الدنيا في كتاب الصمت (450).

(33) تاريخ دمشق لابن عساكر 18 - 43.

(34) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان 2 - 40.

(35) الترمذي (2518).

(36) البخاري (33)، ومسلم (59).

(37) الزهد لهناد بن السري 2- 633.

(38) البخاري (1973)، ومسلم (1532).

(39) مسلم (1041).

(40) مسلم (1480)

الصدق

مما لاشك فيه أن أعظم زينة يتزين بها المرء في حياته بعد الإيمان هي زينة الصدق، فالصدق أساس الإيمان كما إن الكذب أساس النفاق ،فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يحارب الآخر.




الصدق في الظاهر والباطن :

الصدق بمعناه الضيق مطابقة منطوق اللسان للحقيقة ، وبمعناه الأعم مطابقة الظاهر للباطن ، فالصادق مع الله ومع الناس ظاهره كباطنه ، ولذلك ذُكر المنافق في الصورة المقابلة للصادق ، قال تعالى : (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِين..َ)الآية (الأحزاب/24) .



لا صدق إلا بإخلاص :

والصدق التزام بالعهد ، كقوله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)(الأحزاب/23) ، والصدق نفسه بجميع معانيه يحتاج إلى إخلاص لله عز وجل ، وعمل بميثاق الله في عنق كل مسلم ، قال تعالى : (وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً * لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ )(الأحزاب/7 ، 8) ، فإذا كان أهل الصدق سيُسألون ، فيكف يكون السؤال والحساب لأهل الكذب والنفاق ؟

والصدق من الأخلاق الأساسية التي يتفرع عنها غيرها ، يقول الحارث المحاسبي : " واعلم - رحمك الله - أن الصدق والإخلاص : أصل كل حال ، فمن الصدق يتشعب الصبر ، والقناعة ، والزهد ، والرضا ، والأنس ، وعن الإخلاص يتشعب اليقين ، والخوف ، والمحبة ، والإجلال والحياء ، والتعظيم ، فالصدق في ثلاثة أشياء لا تتم إلا به : صدق القلب بالإيمان تحقيقـًا ، وصدق النية في الأعمال ، وصدق اللفظ في الكلام " .



الصدق مرتبط بالإيمان :

ولما للصدق من رابطة قوية بالإيمان ، فقد جوّز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقع من المؤمن ما لا يُحمد من الصفات ، غير أنه نفى أن يكون المؤمن مظنه الوقوع في الكذب ؛ لاستبعاد ذلك منه ، وقد سأل الصحابة فقالوا: (يا رسول الله أيكون المؤمن جبانـًا ؟ قال : " نعم " ، فقيل له : أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال : نعم ، قيل له : أيكون المؤمن كذَّابـًا ؟ قال : " لا " ))(رواه الإمام مالك) .



قد يجانب الصدق من يحدث بكل ما سمع :

والأصل في اللسان الحفظ والصون ؛ لأن زلاته كثيرة ، وشرّه وبيل ، فالحذر منه والاحتياط في استعماله أتقى وأورع ، فإذا وجدت الرجل لا يبالي ، ويكثر الكلام ، فاعلم أنه على خطر عظيم ، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((كفى بالمرء كذبـًا أن يحدث بكل ما سمع))(رواه مسلم) ؛ لأن كثرة الكلام مظنة الوقوع في الكذب ، باختراع ما لم يحدث ، حين لا يجد كلامـًا ، أو ينقل خبر كاذب - وهو يعلم - فيكون أحد الكذَّابين .



يُنال الصدق بالتحري :

وكل خلق جميل يمكن اكتسابه بالاعتياد عليه ، والحرص على التزامه ، وتحري العمل به ، حتى يصل صاحبه إلى المراتب العالية ، يرتقي من واحدة إلى الأعلى منها بحسن خلقه ، ولذلك يقول - صلى الله عليه وسلم - : ((عليكم بالصدق ؛ فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ، ويتحرى الصدق ، حتى يُكتب عند الله صدِّيقا)) ، وكذلك شأن الكاذب في السقوط إلى أن يختم له بالكذب : ((وإياكم والكذب ؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ، ويتحرى الكذب ، حتى يُكتب عند الله كذَّابا))(رواه البخاري ومسلم) .



الصدق = الطمأنينة والثبات :

ومن آثار الصدق ثبات القدم ، وقوة القلب ، ووضوح البيان ، مما يوحي إلى السامع بالاطمئنان ، ومن علامات الكذب الذبذبة ، واللجلجة ، والارتباك ، والتناقض ، مما يوقع السامع بالشك وعدم الارتياح ، ولذلك : ((… فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة))(رواه الترمذي) كما جاء في الحديث .



الصدق نجاة وخير:

وعاقبة الصدق خير - وإن توقع المتكلم شرًا - قال تعالى : (فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ)(محمد/21) ، وفي قصة توبة كعب بن مالك يقول كعب بعد أن نزلت توبة الله على الثلاثة الذين خلفوا : " يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق ، وإن من توبتي أن لا أحدّث إلا صدقـًا ما بقيت " ، ويقول كذلك : " فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط ، بعد أن هداني للإسلام ، أعظم في نفسي من صدقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أكون كذبته ، فأهلك كما هلك الذين كذبوا … "(رواه البخاري) .

وروى ابن الجوزي في مناقب أحمد أنه قيل له : " كيف تخلصت من سيف المعتصم وسوط الواثق ؟ فقال : لو وُضِع الصدق على جرح لبرأ " .

ويوم القيامة يقال للناس : ( هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم)(المائدة/119) .



الصادق جريء :

والصدق يدعو صاحبه للجرأة والشجاعة ؛ لأنه ثابت لا يتلون ، ولأنه واثق لا يتردد ، ولذلك جاء في أحد تعريفات الصدق : القول بالحق في مواطن الهلكة ، وعبر عن ذلك الجنيد بقوله : حقيقة الصدق : أن تصدق في موطن لا ينجيك منه إلا الكذب .



لا تكثر من المعاريض :

ولكي تكون حياتك كلها صدقـًا ، ولتحشر مع الصديقين فاجعل مدخلك صدقـًا ، ومخرجك صدقـًا ، وليكن لسانك لسان صدق ، لعل الله يرزقك قدم صدق ، ومقعد صدق ، ولا تترك فرصة للشيطان ليستدرجك بالاستكثار من المعاريض ، فالصدق صراحة ووضوح ، والميل عنه التواء وزيغ ، وحال المؤمن الصدق ، و(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُون)(النحل/105) .



درر من أقوال الصالحين والعلماء في الصدق:

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

من كانت له عند الناس ثلاث وجبت له عليهم ثلاث ، من إذا حدثهم صدقهم ، وإذا ائتمنوه لم يخنهم ، وإذا وعدهم وفى لهم ، وجب له عليهم أن تحبه قلوبهم ، وتنطق بالثناء عليه ألسنتهم ، وتظهر له معونتهم ".

أنشد محمود الوراق:

اصدق حديثك إن في الصـ ـق الخلاص من الدنس

ودع الكــذوب لشــأنه خير مـن الكـذب الخرس

وقيل للقمان الحكيم: ألست عبد بني فلان؟ قال بلى. قيل: فما بلغ بك ما أرى؟ قال: تقوى الله عز وجل ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك مالا يعنيني.

وقال بعضهم :من لم يؤد الفرض الدائم لم يقبل منه الفرض المؤقت.قيل: وما الفرض الدائم؟ قال: الصدق.

فنسأل الله الكريم أن يرزقنا الصدق وأن ينزلنا منازل الصديقين.





بورما " لاتنساها من دعاءك في رمضان


فى بداية شهر (حزيران)يونيو 2012 ، أعلنت الحكومة البورمية أنها ستمنح بطاقة المواطنة للعرقية الروهنجية المسلمة فى أراكان .
غضب البوذيون كثيرا بسبب هذا الإعلان لأنهم يدركون أنه سيؤثر فى حجم إنتشار الإسلام فى المنطقة ، فخططوا لإحداث الفوضى . هاجم البوذيون حافلة تقل عشرة علماء مسلمين كانوا عائدين من أداء العمرة ، شارك فى المذبحة أكثر من 450 بوذى . تم ربط العلماء العشر من أيديهم و أرجلهم و إنهال عليهم الـ 450 بوذى ضربا بالعصى حتى استشهدوا . لكى يجد البوذيون تبريرا ، قالوا إنهم فعلوا ذلك إنتقاما لشرفهم بعد أن قام شاب مسلم بإغتصاب فتاة بوذية و قتلها .
كان موقف الحكومة مخزيا للغاية ، فقد قررت القبض على 4 مسلمين بحجة الإشتباه فى تورطهم فى قضية الفتاة ، و تركت الـ 450 قاتل بدون عقاب .
يوم الجمعة 3 يونيو 2012 أحاط الجيش بالمساجد تحسبا لخروج مظاهرات بعد الصلاة و منعوا المسلمين من الخروج دفعة واحدة .
أثناء خروج المسلمين من الصلاة ألقى البوذيون الحجارة عليهم و إندلعت إشتباكات قوية ، ففرض الجيش حظر التجول .
شدد الجيش حظر التجول على المسلمين فيما ترك البوذيون يعيثون فى الأرض فسادا .
يتجول البوذيون فى الأحياء المسلمة بالسيوف و العصى و السكاكين و يحرقون المنازل و يقتلون من فيها أمام أعين قوات الأمن .
بدأ العديد من مسلمى #أراكان فى الهروب ليلا عبر الخليج البنغالى إلى الدول المجاورة ، و يموت الكثير منهم فى عرض البحر .
وسط التعتيم الإعلامى الشديد ، هناك أكثر من 10 مليون مسلم فى أركان يتعرضون لعملية إبادة ممنهجة و تُغتصب نساؤهم و يُقتل أطفالهم
شييييييييير ساعد فى النشر وخذ ثواب النشر والنصرة .

الثلاثاء، 24 يوليو 2012

برنامج الربانيين في شهر رمضان


برنامج الربانيين في شهر رمضان


د. صلاح الدين سلطان


الحمد لله الذي خلقنا لعبادته والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وأول العابدين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

فإننا نتقدم إلى إخواننا المسلمين في العالم عامة بأصدق التهاني بحلول شهر القرآن والذكر والدعاء والصيام والقيام، شهر بناء الأمة ورفع درجاتها. شهر سجل أعظم انتصارات الأمة يوم أعد رجالها ونساؤها وفق صبغة الربانيين فنصرهم الله تعالى على أنفسهم وأهوائهم وأعدائهم.

ونحن نذكرهم بين يدى هذا البرنامج للربانيين في شهر رمضان بما ذكره الإمام الشهيد حسن البنا في رسالته "دعوتنا" بقوله: "ونحب أن يعلم قومنا – وكل المسلمين قومنا – أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء. ... وأن هذه العاطفة قد استبدت بقلوبنا، وملكت علينا مشاعرنا، فأقضت مضاجعنا، وأسالت مدامعنا...".

 ونتوجه إليكم ببرنامج الربانيين في شهر رمضان:

أولاً: صدق التوجه إلى الله تعالى بالنية الخالصة إذ الصيام يراد به وجه الله تعالى ، وابتغاء مرضاته، ونيل ثوابه، والفوز بالجنة والنجاة من النار. وليس مجرد عادة سنوية.

ويعين على ذلك ما يلي:

1.   حديث البخاري ومسلم بسندهما عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف.  قال الله تعالى: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" .. إذن للصيام مكانة خاصة عند رب العزة سبحانه وعليه فإن التعبد به من أقرب القربات.

2.           أن الصيام يفسح للفطرة في نقائها. والأرواح في صفائها  إلى أن تسمو إلى امتثال أمر ربها، متحررة من أسر الشهوات الغالبة، والأهواء الحادة، وتلك هي التي تعرق سير السالكين إلى الله تعالى.

3. أن الصوم يقوي إرادة الإنسان واختياره عن وعي وعقل وقلب وروح، وتضعف انحراف الإنسان وراء شهوتي البطن والفرج وحدة الغضب، وكل ذلك يعالجة الصيام تلقائياً حتى نكون ربانيين.

ثانياً: استشعار قيمة الوقت في رمضان لأنه بحق فرصة سامية لأصحاب القلوب الوعية والعقول الراجحة، فأول الشهر رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.  وفيه ليلة تطيل عمر الانسان في فعل الخيرات كل عام قرابة مائة عام وهي ليلة القدر وهي خير من ألف شهر.  وفي حديث النبي صلاى الله عليه وسلم: "لو تعلم الأمة ما أعد الله لها في رمضان لتمنت أن يكون العام كله رمضان".

وفي الحق يرى كثيراً من المسلمين يرخصون ليلهم بالسهر مع التلفاز أو الأصدقاء. ويرخصون نهارهم في النوم أو الشراء. والأصل أن هذا الشهر شهر التعبد والقنوت. وقراءة القرآن والذكر والدعاء. والقيام والصدقة، والبر والصلة، والدعوة إلى الخير.

ويعين الأخ على ذلك أن يفكر بصدق دون أن يخدع يفسه أويخادع ربه لأن هذا شأن المنافقين لا الربانيين فيسأل الأخ نفسه: لو أتيح لي أداء أعمال إضافية في دائرة عملي الطبي أو الهندسي أو التعليمي ... الخ بأجر يضاعف فوق سبعمائة ضعف. وعمل ليلة واحدة يحصل على مرتب ألف شهر هل يرفض؟ ندع الإجابة لقلوب الربانيين الصادقين.

ثالثاً: العزم على أن نختم القرآن مرتين على الأقل واحدة في صلاة التراويح، وأخرى قراءة شخصية ذاتية.  أما الأولى فيعين الأخ عليها ما رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيماناً وإحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" والقيام بغير القرآن كأنه جسد بلا رأس، والقيام بالقرآن بغير خشوع كأنه جسد بلا روح، بل الواجب استحضار العقل والقلب والوجدان مع آيات القرآن، ولنذكر أن من الصحابة من كانوا يختمون القرآن كل أسبوع مرة في غير رمضان، فإذا حل رمضان جعلوا ليلهم ونهارهم للقرآن، وأحب أن تقسم القرآن بين صلاة التراويح والتهجد أو القراءة الذاتية والأهم القراءة مع الأولاد في البيت، وعليه تكون هناك ختمة في خلوتك مع الله وحدك، وقراءة مع أهلك وأولادك, وأخرى مع إخوانك المسلمين في المسجد وبهذا تكتمل الحلقة الربانية.

رابعاً: مراجعة ما حفظ من القرآن سابقاً. ولقد كان جبريل عليه السلام يراجع سيدنا محمداً كل ما نزل من القرآن خلال العام في رمضان، فلما كان العام الذي مات فيه راجعه القرآن مرتين في شهر رمضان (رواه البخاري).

ولعل الأخ الذي حفظ ثم نسي يستنهض عزيمته بهذا التأسي بالحبيب صلى الله عليه وسلم ويحركه الخوف عندما يذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من حفظ القرآن ثم نسيه لقى الله تعالى وهو أجذم" (رواه أبو داود) ونحتاج إلى كتابة الآيات التي حفظناها يوماً ما ثم مراجعتها. لعلنا إذل لقينا الله ارتقينا مع كل آية درجة عالية في جنات الفردوس ثم يبدأ مشوار المراجعة، ولعل صفاء العقل ونقاء الروح يساهم في سرعة التذكر ولا ننس قوله تعالى: "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" (القمر 17).

خامساً: الحرص على إفطار الصائمين في البيت أو في المسجد، سواءً أعددت طعاماً أو دفعت نقوداً ولو يسيرة لهذا الغرض لأن القليل من هذا العمل ثوابه كبير، وهو المغفرة لجميع الذنوب والعتق من النار، كل هذا لمن فطر صائماً على شربة ماء ربما لم يشترها، أو كوب من اللبن أو شق تمرة.  هذا يدلنا على الفيض الرباني على عباده لو اتجهوا اليه مخلصين بأقل الأعمال، ولعل هذا مجال خصب للأخوة بإنفاق أعمالهم، وللأخوات بإعداد الطعام للصائمين فينال كل أجراً وافياً ومغفرةً كاملةً.

سادساً: الدعاء عند الفطر لما رواه ابن ماجه بسنده عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن للصائم عند فطره لدعوةً ما ترد" ولقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يفوته هذا الدعاء عند الإفطار بقوله: "بسم الله، اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت".

وكان ابن عمر يدعو فيقول: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شئ أن تغفر لي ذنوبي.  وأحبذ لو دعا المسلم لجميع إخوانه المسلمين وأخواته المسلمات، وأن يردنا الله تعالى إلى شرعته، وأن يستعملنا لخدمة دعوته وأن يرد بنا المسجد الأقصى إلى المسلمين، وليت الأخ يذكر من يحضره من أهله أو أبنائه أو اخوانه في لقائه أو المسلمين في مسجده بالدعاء، فيغنم مرتين.  ونشير إلى دور الأخت في تذكير أولادها بالدعاء عند الإفطار.

سابعاً: تعجيل الفطر وتأخير السحور لما رواه البخاري ومسلم بسندهما عن سهل بي سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"

وروى الترمذي بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: "أحب عبادي إلي أعجلهم فطراً"

أما السحور فقد كان هديه صلى الله عليه وسلم تأخيره لما قبل الفجر وحث على تناوله حيث روى مسلم وابن ماجه بسندهما عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تسحروا فإن في السحور بركة".

وروى أحمد بسنده عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السحور أكله بركة، فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله و ملائكته يصلون على المتسحرين" وسماه الحبيب صلى الله عليه وسلم الغذاء المبارك في حديث رواه أبو داود.

إذن تتلاشى لدى المسلم مسألة الشره وحب الطعام ليعلو حب الله تعالى فوق كل شئ فهو يعجل الفطر ليس نهماً ولا شرهاً بل ليحبه الله تعالى ويؤخر السحور لأنه بركة، ولأن الله تعالى وملائكته يصلون على المتسحرين.  هذا المعنى يجعلنا أسرع الناس إلى امتثال السنة في الإفطار عند المغرب على تمرات أو ماء أو عصير، ثم تصلي المغرب وتأكل، ولا تتسحر قبل منتصف الليل لتنام عن وقت السحور والسحر، ولتنام عن صلاة الفجر، فتجمع خسارة فقدان البركة وصلاة الله وملائكته وتفوت صلاة الفجر وهي أعظم الصلوات أجراً.

ثامناً: بذل المال والإكثار من الصدقات: وأرجو أن يراجع كل منا نفسه فلئن حسن صيامه ليكثرن بذله وعطاؤه، هكذا أخبرنا الإمام البخاري في صحيحه بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "كان أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة".

هذا معيار واضح وبسيط إن حسن صيامنا عظم إيماننا، وزادت الرغبة في بناء الآخرة، وإرضاء الملك سبحانه، وتوقي غضبه، فيكون البذل سهلاً على النفس لصفائها فلا تجد هذا التردد الشديد في غيره، وهناك من وجوه الخير وأهمها إطعام الفقراء والمساكين وكفالتهم في أي مكان من أرض الله تعالى، وابدأ بذوي القربى فإنها صدقة وصلة، ثم وجوه الخير مثل عمارة المساجد وتناء المدارس والدعوة إلى الله تعالى، والمستحب هنا أن تخرج زكاة المال ليتضاعف الأجر لأن من أدى فيه فريضة كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، هذا من قبيل المضاعفة الأصلية فمن أنفق ألف دولار في رمضان فكأنما أنفق سبعين ألف دولار، وزكاة الفطر هي طهرة للصائم وطعمة للمساكين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه أبو داود.

إذن هذا الشهر فرصة في بناء آخرتنا بشئ من رزق الله تعالى لنا في دنيانا.

تاسعاً: الإكثار من ذكر الله تعالى في هذا الشهر الكريم لما رواه ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فاستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء لكم عنهما: فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، وأما الخصلتان اللتان لا غناء لكم عنهما: فتسألونه الجنة وتعوذون به من النار".

هذه الخصال الأربع من الذكر والدعاء لا يستغني عنها عبد مشغول في إرضاء ربه أو نفع نفسه في آخرته فاجعلوا من أوقات الحركة الى العمل أو داخله أو العودة منه او الذهاب الى المسجد أو البيت أو غيره حية بذكر الله تعالى لعل الله يذكرنا بواسع رحمته وعظيم فضله. ولنذكر أن أشد ساعة تندم عليها يوم القيامة هي الساعة التي مرت دون ذكر الله عز وجل.

عاشراً: إصلاح ذات البين بين الأخ وأبويه وأهله وأولاده وأشقائه، وبين إخوانه المسلمين سواءً في جماعته أو الجماعات الأخرى إن كانت على المنهاج الصحيح، وهذا قبل بدء الشهر لآن الله تعالى يغفر فيه للعصاة إلا المسلمين المتباعدين المتناحرين وإذا أردنا أن نعرف أثر الخصومات الشخصية على قدر الرحمات التي تنزل للأمة كلها فلنعد إلى صحيح البخاري – كتاب ليلة القدر – الباب الرابع بعنوان: " رَفْعِ مَعْرِفَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِتَلَاحِي النَّاسِ" أي لتخاصمهم في الحديث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت".

والواضح من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف موعد ليلة القدر، وخرج ليخبر الصحابة والأمة بموعدها فتخاصم اثنان من المسلمين فنسيها النبي صلى الله عليه وسلم. ومن هذا الحديث الخطير نستنتج أن إثارة أية خصومة مع أي أخ مسلم تعني تأخير النصر، وضياع الأجر وذهاب البركة، وتفتيت الصف، وتمزيق الأمة فلعل رمضان يكون سبباً في وحدة الصف، وتصافي القلوب، ونحن أولى الناس بذلك.

هذه هي الوصايا العشر لكل أخ مسلم وأخت مسلمة حتى لا تفوته حسنات هذا الشهر الكريم ورحماته، وحتى ينال رضا الله والجنة وينجو من غضبه وعقابه وهي تحتاج إلى صدق التوجه وقوة العزم وتنظيم الوقت ومجاهدة النفس وحفظ الجوارح وتصفية النفس، وتنقية الصدر، وأملنا فيكم كبير أن تكونوا بحق ربانيين حتى نفوز بسعادة الدارين، ونكون أهلاً ليمكن الله للإسلام بنا " وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا " (الإسراء 51).س

برنامج بسيط رباني لرمضان الكريم



1- الاخلاص 
الا الصوم فانه لي وانا اجزي به 


2- الوقت 
في دقيقة واحدة ماذا تفعل الكثير "
http://islamqa.info/ar/ref/4156
-انما انت ايام فاذا ذهب يوم ذهب بعضك وتوشك ان تنتهي 
- الايام تبسط ساعات والساعت تبسط انفس وكل نفس خزانة فاحذر ان تاتي خزانة فارغة يوم القيامة فانه في الحديث من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة فيا مضيع النخيل كم ضيعت 
- لو سقط من احدهم درهم لقال ان لله وانا اليه راجعون ضاع درهمي وهو يضيع عمرة 


- لا تضيع الوقت بالنوم والمسامرات فيما لا يجدي والمقاهي 
3- القران 
تلاوة 
التعلم والتعليم 
والمراجعة " سنة نبيالله وجبريل " كان ياتي جبريل يراجع مع النبي القران وفي العام الذي مات فيه راجعة مرتين 
4-- الافطار والسحور 
تسحروا فان في السحور بركة "في الرزق والولد وجميع انواع البركة لانها نكرة "
لاتزال امتي بخير ماعجلوا الفطر 
5- تفطير الصائمين  بالمسجد او البيت او دفع مبالغ للافطار
اتقوا النار ولو بشق تمرة
لك من الجر مثلة 
6- اصلاح ذات البين 
خرج النبي ص لابلاغ الصحابة والناس عن ليلة القدر فكانت هناك خصومة بين الصحابة فرفعت 
فانظر كم اخرنا من الخيرات بسبب المشاحنات بيننا 
7- الدعاء 
ان للصائم عند فطرة دعوة لاترد 
فاجعلها لمصر وسوريا والمستضعفين 
بن عمر " اللهم اني اسالك برحمتك التي وسعت كل شئ ان تغفر لي



رئيس وزراء الثورة

اول رئيس وزراء لمصر
الحمدلله
علي الله يطلع شخصية ادارية كويسة




السبت، 21 يوليو 2012

كلمة الرئيس محمد مرسى فى صلاة التراويح اليوم




الرئيس / محمد مرسى
فى صلاة التراويح بأول ليلة فى رمضان
بمسجد الشربتلى بالتجمع الخامس
1 رمضان 1433 - 19 يوليو 2012
..

الخميس، 12 يوليو 2012

رئيس مصري وبكائه بالحرم


محمد مرسي يبكي في صلاة الفجر قبل اداءه مناسك العمره في مكه المكرمه متأثرا بما قرأه امام الحرم 12-7-2012 من سورة ابراهيم .. حيث في السورة قصه واقعيه لماحدث وقد تعمد الامام الفاضل قراءة هذه السورة على مااعتقد وقد اصاب شيخنا الجليل فقد شعرنا جميعا بالقشعريرة 


صور العمرة

مرسي اثناء تادية العمرة









الاثنين، 9 يوليو 2012

الخميس، 5 يوليو 2012

الأربعاء، 4 يوليو 2012

دعاء


اول مرة ادعي لرئيس الجمهورية وادعوا الله ان يوفقه ويعينة علي ما ابتلاه به 
اللهم احفظه ورد عنه كيد الكائدين ومكر الماكرين 

الحرب القذرة



هذا ما يحاولون البدأ فيه ولكن لن يستطيعوا بفضل الله ومنته ووحدة الصف المصري وعلمه بما يحاك للامة 

كتاب الحرب القذرة 




فى الجزائر فى التسعينيات عملو انتخابات برلمانيه فالتيار الاسلامى اكتسح هناك وهيشكل الحكومه تقوم فرنسا الليبراليه بتاعت الحريات الاونطه تضغط على عسكر الجزائر فيقومو يعملو انقلاب عسكرى ويحطوهم فى المعتقلات ومش بس كده عشان يبررو ذبحهم والقضاء عليهم يقوم الجيش الجزائرى يبعت ظباط من عنده سايبين دقنهم يدخلو على القرى يقتلو اللى فيها وتانى يوم الاخبار تتطلع الحق الاسلاميين فى الجزائر هما اللى قتلو وبكده الشعب يكرههم ويقدر النظام الجزائرى العسكرى يدبحهم زى ماهو عايز . 


ودى شهادة (سويدية) ضابط شاب، ومظلي سابق في الجيش الوطني الشعبي الجزائري، تخرج في الكلية الحربية، وعمل في صفوف القوات النظامية ابتداءً من عام 1989 



مؤلف كتاب " الحرب القذرة" يفضح جنرالات الجزائر:




- فوجئت بالضباط وقد لبسوا الجلاليب وأرسلوا لحاهم 
- اقتادوا الأب وعلى مرأى من جميع العسكريين بال عليه قائد الكتيبة



مما لاشك فيه أن كتاب (الحرب القذرة) أثار صدمة كبيرة، وموجة غضب عارمة داخل الجزائر والوطن العربي،إذ كشف فيه (حبيب سويدية) عمليات نفذتها مجموعات من الجيش للتخلص من الإسلاميين، ويروي فيه ما شاهده من جرائم ضد المدنيين من قتل وحرق دبرت، حيث يبدو أن متشددين إسلاميين هم الذين ارتكبوها.



وفي طيات كتابه المثير يروي (سويدية) في شهادته جزءًا من هذه المأساة فيقول: (رأيت زملاء لي في الجيش الجزائري يحرقون صبيًا عمره 15 سنة، ورأيت جنودًا يتنكرون في زي إسلاميين ويذبحون المدنيين، ورأيت ضباطًا يقتلون – ببرودة- متهمين بسطاء، وضباطًا يعذبون - حتى الموت- المعتقلين الإسلاميين، والكثير من الأشياء، ما يكفي لإقناعي بتحطيم جدار الصمت ). 



التخفي في جلابيب؛ لارتكاب المذابح



وكان من أبرز العمليات القذرة التي زرعت الشك في قلب (سويدية) أثناء عمله في بلدة الأخضرية ذات الميول الإسلامية لغالبية سكانها ما حصل في إحدى ليالي آيار من ذلك عام 1994م حين تلقى أمرًا بأن يواكب رجاله في مهمة عسكرية، وقد فوجئ بأولئك الضباط يرتدون جلابيب، وقد أرسلوا لحاهم كما لو أنهم إسلاميون، وفي الحال أدرك أن مهمة قذرة ستنفذ، لا سيما وأنهم كانوا يحملون معهم قوائم أسماء، وبالفعل اتَّجه الضباط الأربعة بحراسة الدورية التي يترأسها إلى قرية مجاورة، وقرعوا أبواب بعض الأكواخ ثم عادوا ومعهم خمسة من الرجال وقد أوثقت أيديهم خلف ظهورهم، وألبسوا أقنعة حتى لا يروا شيئًا، وعند الرجوع إلى موقع القيادة في بلدة الأخضرية تبين (لسويدية) أن زملاء آخرين له قاموا بمهمة مماثلة، وعادوا أيضًا ببعض الأسرى من القرى المجاورة . 



عمليات قتل وتعذيب بشعة



وتم اقتياد الأسرى إلى سجن الثكنة حيث بدأت عمليات تعذيب دامت بضعة أيام، ثم انتهت بقتل الأسرى رميًا بالرصاص أو ذبحًا أو حتى حرقًا، ورميت جثثهم في ضواحي بلدة الأخضرية، وقد حضر (سويدية) عملية تعذيب وحرق لاثنين من الأسرى، رجل في الخامسة والثلاثين، وفتى في الخامسة عشرة . وهو وقد سمى في كتابه الضابط الذي سكب عليهما صفيحة النفط وأضرم فيهما النار، وكذلك الضباط الذين كانوا يتفرجون على العملية. وبلغ الاشمئزاز ذروته عندما أذاعت القيادة العسكرية على أهالي الأخضرية بيانًا يفيد أن الإرهابيين داهموا بعض القرى المجاورة وقتلوا العشرات من رجالها وألقوا بجثثهم في الطرق . 



وقد دعت القيادة الأهالي إلى التعرف على جثث القتلى في مشرحة مستشفى الأخضرية وإلى استردادها لدفنها، أما الجثث التي أُحرِق أصحابها فقد تعذَّر التعرف على هوياتهم، فقد وعُدَّ أصحابها من 
المفقودين الذين لا يزال أهاليهم يبحثون عنهم إلى اليوم .
______________________________________________



امن الدوله والمخابرات تستفيد من التجربه الجزائريه القذره لتشويه صورة الاسلاميين عن طريق اعلام الدعاره لاسقاط محمد مرسى .


الاثنين، 2 يوليو 2012

مدونة الارض لنا " كل ما يخص المسلم صاحب الهم والدعوة"

قناة الاقصي وتردد جديد