الثلاثاء، 7 يونيو 2011

“وطنٌ ينهض وجيلٌ يقود



القاهرة/ يقظة فكر
“لا أمل فى إصلاح الجيل الحالي الذى يقود الأمة, فهو جيلٌ تربَّى فى أحضانِ الاستعمار, إنَّما الأمل فى الجيل القادم”, “إعداد القادة عملية متكاملة, صعبة, منهجية, وهي مهمة جماعية, مستمرة, كما أنها عملية أساسية للنهضة”؛ جاء ذلك على لسان د. طارق السويدان، خلال المؤتمر الجماهيري الذي أقامته مؤسسة “يقظة فكر”، تحت عنوان “وطنٌ ينهض وجيلٌ يقود”, أمس السبت بمركز الأزهر للمؤتمرات بالقاهرة, والذي أُقيم على هامشه حفلاً فنيًا قدمه المنشدين المصريين محمد عباس وخالد عبد الله, حضره جمعٌ من المثقفين والنشطاء والشباب, من فلسطين, والكويت, والسعودية, بالإضافة إلى مجموعة شباب من ماليزيا, وبطبيعة الحال من مصر.
وبيَّن السويدان في بداية المؤتمر, الذي شارك في تنظيمه مؤسسة أحرار وجمعية حماة المستقبل, أهمية إعداد القادة فقال: “هناك ثلاث أزمات تواجه الأمة؛ أزمة سلوك, وأزمة تخلف, وأزمة فاعلية, هذه الأزمات تبقى في النهاية انعكاس لأزمتين أعظم؛ هما أزمة الفكر, وأزمة القيادة”, وضرب مثالاً بمصر, فقال: “أغلى ثروات مصر ليس النيل, ولكن شعبها, فالقدرات المادية والبشرية في مصر أقوى بكثير من ماليزيا, وتستطيع مصر أن تدخل إلى مصاف القوى الكبرى خلال عشر سنوات إذا حلت أزمة الفكر وأزمة القيادة”.
وبناء عليه قسَّم رائد أدوات التغيير والقيادة في الوطن العربي الدكتور طارق السويدان؛ المحاضرة إلى عدة محاور؛ مفاهيم ومبادئ تتعلق بالقيادة, واستراتيجيات لاكتشاف من يستطيعون القيادة, وكيفية تدريبهم نظريًا, وعمليًّا عليها.
الفنان قائد!
وبخصوص المحور الأول, وهو المفاهيم والمبادئ المتعلقة بالقيادة, أوضح أنَّه يجب فهم القيادة حتى يتم تنفيذها, فالقيادة لها تعريفات متعددة, لكنه في النهاية أبدع واحدًا جديدًا, فقال: “القيادة هي القدرة على تحريك الناس نحو الهدف”, وأوضح أنّها قد تكون فطرية, فهناك نسبة 1% من البشر مولودون قادة بالفطرة، ومثال ذلك الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه, وهناك 1% من الناس لا يصلحون أن يكونوا قادة، ولا يمكن تأهيلهم لذلك, ومنهم الصحابي أبو ذر الغفاري, وفي كل الأحوال فهذا لا يقلل من أيهما.
ولتحريك أذهان الجمهور الذي تعدى الألف, وجَّه د. طارق، أسئلة يستطيع الشخص من خلالها أن يصل للإجابة, فقال: “هل بالضرورة أن يكون الهدف الذي يحرك القائد الناس إليه هدف سام؟, وهل بالضرورة أن يكون الهدف لصالح الأتباع؟, وهل بالضرورة أن يعرف الأتباع الهدف؟”.
ووضّح د. طارق أنّ هناك أربع وسائل يستخدمها القائد في تحريك الجماهير؛ وهي الترغيب, والترهيب, وفن الإلقاء, وفن الإقناع.
وبيَّن الفرق بين الفنانين والنجوم من جهة والقادة من جهة أخرى, فالقائد له أتباع, أما الفنانون فلهم معجبين, لكن في بعض الأحيان يكونوا قادة, والفرق بين القائد والمدير, فالقائد يركز على المستقبل والناس (تدريب وتحفيز), أما المدير فإن تركيزه يكون على المدى القريب والإنجاز وليس على الناس.
وبخصوص المحور الثاني, وهو استراتيجيات اكتشاف القادة, قال د. طارق: “يجب أن يتوفر في القادة علامة الذكاء, فالأذكياء إذا اخترناهم للتدريب القيادي سيكون تعلمهم أسرع, كما أن الناس يحبوا أن يتبعوا الأذكياء, والجرأة في اتخاذ القرار, والمبادرة, والجدية, وأن يأتي من بيئة قيادية”.
أما محور استراتيجيات التدريب النظري, فقال فيه: “على القادة أن يركزوا على العلوم الإنسانية, فالعلوم التطبيقية غالبًا ما تتحد فيها النتيجة, فتؤدي إلى اتفاق, أما العلوم الإنسانية فتختلف فيها النتيجة, لذا فإنها تؤدي إلى الحكمة”.
فلإعداد جيل فاعل من القادة, يجب تناول علم الإدارة, وتنمية مهاراتهم الفكرية, ويجب غرس القيم الأساسية والقيم العملية فيهم, فهناك منهجيات لغرس القيم في الأشخاص وفى المؤسسات, ومن هنا, ومن طبيعة المجتمع الإسلامي تنبع أهمية بناء القائد الإسلامي”, وأضاف: “القائد الإسلامي يجب أن يتعلم فن بناء العلاقات وإصلاحها, فجزء أساسي من بنائه الإتباع, فلا عصمة ولا تقديس لبشر, وجزء آخر هو الإتقان”.
المرأة القائدة
وفي محور استراتيجيات التدريب العملي, قال السويدان: “يفضل في تدريب القادة التبكير بالتدريب والتجربة, فأحسن سن لصناعة القادة هو أول 7 سنوات من حياة الإنسان, لذا فإن فرصة الأيتام في القيادة تكون أكبر, فهم يتحملون المسئولية مبكرًا”, وذكر أنَّ هناك ارتباطات يجب أن يتم الفصل بينها, فهناك فرق بين القائد والعالم, ولا يشترط أن يكون كل عالم قائد, كما أن هناك فرق بين التسلسل التنظيمي والتسلسل العلمي, وبين القائد لصفاته والقائد بالأقدمية, وبين القائد والتقي, فليس كل تقي قائد.
ويجب أيضًا التفرقة بين القيادة والجنس, فلكل من الرجل والمرأة مميزات يتميز بها عن الآخر, فمن الأمور التي تميز المرأة عن الرجل أنها قادرة على التخطيط بعيد المدى, وأنَّها أكثر إبداعًا من الرجل بنسبة 25%, وأنها تستشير أكثر من الرجل (قصة ملكة سبأ), إلا أنها أقل حزمًا من الرجل.
ومن الارتباطات التي يجب أن تُفك أيضًا, ما يقع من لبسٍ بين القيادة والسن, فعمليًّا ثبت أن الإبداع يقل مع تقدم السن, كما يجب فك الارتباط بين القيادة والجسم, فليس كل ضخم قائد, ولا كل قصير تابع.
وفي ختام محاضرته التي استمرت لأكثر من ساعتين, بيَّن د. طارق أنَّ إعداد القادة عمليَّة متكاملة, صعبة, منهجيَّة, وهي مهمة جماعيَّة, وأنَّها مستمرة, وأنَّها عمليَّة أساسيَّة للنهضة.
وفي فقرة تالية أُقيمت فقرة حواريَّة مع الدكتور طارق السويدان أدارها المهندس أحمد أبو هيبة, مدير قناة فور شباب السابق, ومدير قناة التحرير حاليًا, أجاب فيها على العديد من أسئلة الشباب التي تم استقبالها عن طريق موقع “يقظة فكر”, وعن طريق الفيسبوك والموجهة للدكتور طارق, كما أقيم على هامش المؤتمر حفلاً فنيًا قدمه محمد عباس وخالد عبد الله وآخرين, جاءت فيها بعض أناشيد الثورة المصرية, كما تم تسليم هدية إلى د. طارق السويدان باسم “يقظة فكر”.

مدونة الارض لنا " كل ما يخص المسلم صاحب الهم والدعوة"

قناة الاقصي وتردد جديد