الخميس، 23 يونيو 2011

قصة الأمام البزاز وصاحبة اللؤلؤ

بسم الله الرحمن الرحيم

في ذيل طبقات الحنابلة ذكر ابن رجب في ترجمة القاضي أبي بكر الأنصاري البزاز ، أنه قال : كنت مجاورا مكة حرسها الله فأصابني يوم من الأيام جوع شديد ولم أجد شيء ادفع به عني ذلك الجوع وخرجت أبحث عن طعام فلم أجد ، فوجدت كيسا من حرير مشدودا برباط من حرير
.
قال : فأخذته وجئت به إلى بيتي وحللته فوجت فيه عقدا من لؤلؤ لم أر مثله قط ، قال : فربطته وأعدته كما كان ثم خرجت أبحث عن طعام فإذا بشيخ ينادي ويقول : ومن وجد كيسا صفته كذا وكذا وله ( 500 ) دينار من الذهب
فقلت في نفسي : أني محتاج وجائع أفآخذ هذه الدنانير لأنتفع بها وأرد له كيسه ، فقلت : له تعالى إليّ ، قال : فأخذته إلى بيتي وسألته عن علامة الكيس وعلامة اللؤلؤ وعدد الؤلؤ المشدود به ، فإذا هو كما كان ، قال : فأخرجته ودفعته إليه ، فسلم إليّ ( 500 ) دينار الجائزة ، التي ذكرها .
فقلت له : يجب علي أن أعيده إليك ولا آخذ له جزاء ، فقال لا بد أن تأخذ وألحّ عليّ كثيرا وأنا أحوج ما أكون
قال : فقلت : والذي لا إله إلا هو ما آخذ عليه جزاء من أحد سوى الله ، فلم أقبل الدنانير ، فتركني ومضى ورجع الشيخ بعد موسم الحج إلى بلده .
وأما ما كان منى ( الكلام للإمام البزاز ) فإنني خرجت من مكة وركبت البحر وسط أمواجه المتلاطمه وأهواله ، وتكسر المركب وغرق الناس وهلكت الأموال
قال : وسلمني الله ، إذ بقيت على قطعة من المركب تذهب بي يمنة ويسره ولا أدري إلى أين تذهب بي ، وبقيت مدة في البحر يتقاذفني الأمواج من مكان إلى مكان حتى قذفني إلى جزيرة فيها أميّون لا يقرؤون ولا يكتبون
قال : فجلست في مسجدهم وقمت أقرأ ، قال : فما أن رآني أهل المسجد حتى اجتمعوا علي فلم يبق في الجزيرة أحدا إلا قال علمني القرآن .
قال : فعلمتهم القرآن وحصل إليّ خير كثير من جراء ذلك ، قال : ثم رأيت في المسجد مصحفا ممزقا فأخذته وأوراقه لأقرأ بها : فقالوا : أتحسن الكتابه ، فقلت نعم ، قالوا : علمنا الخط
فقلت : لا بأس ، فجاؤوا بصبيانهم وشبابهم فكنت أعلمهم ، وحصل لي خير كثير ورغبوا فيه
فقالوا لي بعد ذلك وهم يريدون أن أبقى معهم ، عندنا جارية يتيمة ومعا شيء من الدنيا ونريد أن نزوجها لك وتبقى معنا في هذه الجزيرة
قال : فتمنعت ، فألحوا عليّ وألزموني فلم أجد أمامي إلا ألحاحهم وإصرارهم ، فأجبت طلبهم .
فجهزوها لي وزفها محارمها ، وجلست معهم وإذا بي أنظر إليها وإذا العقد الذي رأيته بمكة بعينه ، معلق بعنقها ، دهشت وما كان لي بشغل إلا النظر إلى العقد فقال محارمها : يا شيخ كسرت قلب اليتيمة لم تنظر إليها وإنما تنظر إلى العقد
قلت : إن في هذا العقد قصة ، قالوا ما هي قصته ، فقصصتها عليهم ، فصاحوا وضجوا بالتهليل والتكبير وصرخوا بالتسبيح حتى بلغ صوتهم أنحاء الجزيرة
فقلت سبحان الله ما بكم ، قالوا إن هذا الشيخ الذي رأيته وأخذ العقد في مكه هو أبو هذه الصبية
وكان يقول عند عودته من الحج ويردد دائما : والله ما رأيت على وجه الأرض مسلما كهذا الذي رد علي العقد بمكة ، اللهم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه ابنتي ، وتوفي ذلك الرجل وحقق الله دعوته .
يقول : فبقيت معها مدة من الزمن فكانت خير امرأة ورزقت منها بولدين ثم توفيت فعليها رحمة الله فورثت العقد المعهود أنا وولداي
قال : ثم توفي الولدان واحدا واحدا قال : فورثت العقد منهم قال : فبعته بمائة ألف دينار ، ويتحدث بعد مدة ويقول هذا من بقايا ثمن العقد فرحمهم الله جميعهم.



الدروس المستفادة 
1- من ترك شيئا لله ابدله الله خيرا منه 
2- افعل الخير ولا تنتظر الثواب والجزاء الا من الله 
3- رضا الله هو الباقي وهو المحرك وليس رضا العبد لان الله هو الملك 
4- لا يترك الله اوليائه بدون اختبار بل يخرج من اختبار الي اختبار
5- الاخرة هي الباقية "من يرد الله به خير  يفقه في الدين "
وغيرها كثير اكتب درس

مدونة الارض لنا " كل ما يخص المسلم صاحب الهم والدعوة"

قناة الاقصي وتردد جديد