الجمعة، 17 يونيو 2011

روائع من تاريخ المسلمين

السلام عليكم 
قيم " حب الوطن - الانتماء - الشوري -العدل - الحرية " قيم اقرها الاسلام وسعي علي تعميقها في الامة وترسيخها طوال العصور وسعي معظم حكام الاسلام وعلماء الاسلام  علي اقرارها 
ونذكر من كتاب روائع من التاريخ العثماني لأورخان محمد علي قصتين ما اجملهما في ترسيخ حرية العقيدة وانه لا اكره في الدين وهذه القصة وقعت في عهد السلطان سليم الاول وقصة اخري وقعت في عهد السلطان محمد الفاتح تتكلم علي العدل وكيف كان السلاطين يعظمون قيمة العلماء ويرضخون للقضاة مهما كانت الاحكام 

الموقف الاول :
أمر السلطان (محمد الفاتح) ببناء أحد الجوامع في مدينة (اسطنبول)، وكلف أحد المعمارين الروم واسمه (إبسلانتي) بالإشراف على بناء هذا الجامع، إذ كان هذا الرومي معمارياً بارعاً. وكان من بين أوامر السلطان: أن تكون أعمدة هذا الجامع من المرمر، وأن تكون هذه الأعمدة مرتفعة ليبدو الجامع فخماً، وحدد هذا الارتفاع لهذا المعماري.
ولكن هذا المعماري الرومي - لسبب من الأسباب - أمر بقص هذه الأعمدة ، وتقصير طولها دون أن يخبر السلطان ، أو يستشيره في ذلك ، وعندما سمع السلطان (محمد الفاتح) بذلك ، استشاط غضباً ، إذ أن هذه الأعمدة التي جلبت من مكان بعيد ، لم تعد ذات فائدة في نظره ، وفي ثورة غضبه هذا ، أمر بقطع يد هذا المعماري. ومع أنه ندم على ذلك إلا أنه كان ندماً بعد فوات الأوان.ولم يسكت المعماري عن الظلم الذي لحقه ، بل راجع قاضي اسطنبول الشيخ ( صاري خضر جلبي) الذي كان صيت عدالته قد ذاع وانتشر في جميع أنحاء الإمبراطورية ، واشتكى إليه ما لحقه من ظلم من قبل السلطان (محمد الفاتح). ولم يتردد القاضي في قبول هذه الشكوى ، بل أرسل من فوره رسولاً إلى السلطان يستدعيه للمثول أمامه في المحكمة ، لوجود شكوى ضده من أحد الرعايا.
ولم يتردد السلطان كذلك في قبول دعوة القاضي ، فالحق والعدل يجب أن يكون فوق كل سلطان. وفي اليوم المحدد حضر السلطان إلى المحكمة ، وتوجه للجلوس على المقعد قال له القاضي : لا يجوز لك الجلوس يا سيدي ... بل عليك الوقوف بجانب خصمك.وقف السلطان (محمد الفاتح) بجانب خصمه الرومي، الذي شرح مظلمته للقاضي، وعندما جاء دور السلطان في الكلام، أيد ما قاله الرومي. وبعد انتهاء كلامه وقف ينتظر حكم القاضي، الذي فكر برهة ثم توجه إليه قائلاًَ: حسب الأوامر الشرعية ، يجب قطع يدك أيها السلطان قصاصاً لك !! ذهل المعماري الرومي ، وارتجف دهشة من هذا الحكم الذي نطق به القاضي ، والذي ما كان يدور بخلده ، أو بخياله لا من قريب ولا من بعيد ، فقد كان أقصى ما يتوقعه أن يحكم له القاضي بتعويض مالي. أما أن يحكم له القاضي بقطع يد السلطان (محمد الفاتح) فاتح (القسطنطينية) الذي كانت دول أوروبا كلها ترتجف منه رعباً، فكان أمراً وراء الخيال ... وبصوت ذاهل ، وبعبارات متعثرة قال الرومي للقاضي ، بأنه يتنازل عن دعواه ، وأن ما يرجوه منه هو الحكم له بتعويض مالي فقط ، لأن قطع يد السلطان لن يفيده شيئاً ، فحكم له القاضي بعشر قطع نقدية ، لكل يوم طوال حياته ، تعويضاً له عن الضرر البالغ الذي لحق به. ولكن السلطان (محمد الفاتح) قرر أن يعطيه عشرين قطعة نقدية ، كل يوم تعبيراً عن فرحه لخلاصه من حكم القصاص ، وتعبيراً عن ندمه كذلك.روائع من التاريخ العثماني ، لأورخان محمد علي ، ص48

الموقف الثاني:
علم السلطان (سليم الأول) أن الأقليات غير المسلمة الموجودة في (اسطنبول) من الأرمن والروم واليهود ، بدأت تتسبب في بعض المشاكل للدولة العثمانية ، وفي إثارة بعض القلاقل ، فغضب لذلك غضباً شديداً ، وأعطى قراراه بأن على هذه الأقليات غير المسلمة اعتناق الدين الإسلامي ، ومن يرفض ذلك ضرب عنقه. وبلغ هذا الخبر شيخ الإسلام ( زمبيلي علي مالي أفندي) ، وكان من كبار علماء عصره ، فساءه ذلك جداً ، ذلك لأن إكراه غير المسلمين على اعتناق الإسلام يخالف تعاليم الإسلام ، الذي يرفع شعار { لا إكراه في الدين }. ولا يجوز أن يخالف أحد هذه القاعدة الشرعية ، وإن كان السلطان نفسه. ولكن من يستطيع أن يقف أمام هذا السلطان ، الذي يرتجف أمامه الجميع ؟ من يستطيع أن يقف أمام هذا السلطان ، ذي الطبع الحاد فيبلغه بأن ما يفعله ليس صحيحاً ، وأنه لا يوافق الدين الإسلامي ويعد حراساً في شرعه ؟ ليس من أحد سواه يستطيع ذلك ، فهو الذي يشغل منصب شيخ الإسلام في الدولة العثمانية ، وعليه تقع مهمة إزالة هذا المنكر الذي يوشك أن يقع. لبس جبته وتوجه إلى قصر السلطان ، واستأذن في الدخول عليه ، فأذن له ، فقال للسلطان : سمعت أيها السلطان أنك تريد أن تكره جميع الأقليات غير المسلمة على اعتناق الدين الإسلامي.
كان السلطان لا يزال محتداً فقال: أجل .. إن ما سمعته صحيح .. وماذا في ذلك ؟لم يكن شيخ الإسلام من الذين يترددون عن قوله الحق : أيها السلطان إن هذا مخالف للشرع ، إذ لا إكراه في الدين ، ثم إن جدكم (محمد الفاتح) عندما فتح مدينة (اسطنبول) اتبع الشرع الإسلامي فلم يكره أحداً على اعتناق الإسلام ، بل أعطي للجميع حرية العقيدة ، فعليك باتباع الشرع الحنيف ، واتباع عهد جدكم (محمد الفاتح). قال السلطان سليم وحدته تتصاعد : يا علي أفندي ... يا علي أفندي : لقد بدأت تتدخل في أمور الدولة ... ألا تخبرني إلى متى سينتهي تدخلك هذا ؟- إنني أيها السلطان أقوم بوظيفتي في الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وليس لي من غرض آخر ، وإذا لم ينته أجلي ، فلن يستطيع أحد أن يسلبني روحي. - دع هذه الأمور لي يا شيخ الإسلام.- كلا أيها السلطان ... إن من واجبي أن أرعى شؤون آخرتك أيضاً ، وأن أجنبك كل ما يفسد حياتك الأخروية ، وإن اضطررت إلى سلوك طريق آخر. - ماذا تعني ؟- سأضطر إلى إصدار فتوى بخلعك أيها السلطان ، بسبب مخالفتك للشرع الحنيف إن أقدمت على هذا الأمر.وأذعن السلطان (سليم) لرغبة شيخ الإسلام ، فقد كان يحترم العلماء ، ويجلهم ، وبقيت الأقليات غير المسلمة حرة في عقائدها ، وفي عباداتها ، وفي محاكمها ، ولم يمد أحد أصبع سوء إليهم.روائع من التاريخ العثماني ، لأورخان محمد علي ، ص57 

مدونة الارض لنا " كل ما يخص المسلم صاحب الهم والدعوة"

قناة الاقصي وتردد جديد