الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

لبرنامج العملي لأيام العشر لحظة بلحظة

تعالوا بنا إلى يوم من حياة المؤمن على وفق هدي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ،
فإنَّ للقبول شرطين :
الإخلاص ، ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم ،
 وهذا زمان الفضائل فمستقل ومستكثر ، فيا باغي خير ليلة القدر أقبل ،
 واجعل لنفسك وردًا للمحاسبة ، وطالع النيات التي مع كل عمل لتحتسبها ليعظم أجرك ،
اكتب هذه النقاط في سجل خاص بك ، وحاسب نفسك على النقير والقطمير ،
وكفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا .
(1) مع أذان المغرب
فمع التكبيرة الأولى لأذان المغرب من ليلة الحادي والعشرين من رمضان
 ليكن شغلك الشاغل وسؤالك الدائم الدائر في أعماق قلبك : كيف أشكر هذه النعمة ؟
واحتسب : إجابة الدعاء  فإنها لحظات تُستجاب فيها الدعوات ،
فلا تغفل في هذه اللحظة ، بل الهج بالدعاء  والذكر ،
فإنَّها لحظة العتق فلتُعمل قلبك ولسانك ،
وألح في الدعاء أن يعتق الله رقبتك في هذه الليلة ، وهكذا كل ليلة .
 
(2) وعليك أن تشتري تمرًا لتفطر عليه كما هي السنة ،
وفطِّر الصائمين – سواء أكنتَ معتكفًا أم لا -  أو اسعَ  في سقاية أهل المسجد .
واحتسب : أجر هؤلاء الصائمين في ميزان حسناتك إن شاء الله تعالى .
فأفطر وتعجل فإنَّها السنَّة ، وفيها مخالفة للمغضوب عليهم
ولا تنس أن تقول 
ذهب الظمأ ، و ابتلت العروق ، و ثبت الأجر إن شاء الله
 كما كان  النبي صلى الله عليه وسلم يفعل
[ رواه أبو داود وحسنه الألباني (4678) في صحيح الجامع ]
  
(3) ومع الأذان
لا تنس َ أن تردد كلمات الأذان ،
 وقل : و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ،
رضيت بالله ربا ، و بمحمد رسولا ، و بالإسلام دينا ،
ثمَّ صلَّ على النبي محمد وسل الله له الوسيلة .
واحتسب بهذه الكلمات : أن تكون سببًا في دخولك الجنة ،
ومغفرة ما تقدم من ذنبك ، وشفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
(4) وبعدها يشرع لك الدعاء فإنّه وقت للإجابة ،
 ويا حبذا أن تدرك الأذان في المسجد ،
واحتسب – أيها المعتكف – ذلك الخير كصنيع سلفنا الصالح ،
فهذا سعيد بن المسيب  ـ  رحمه الله ـ  يخبر عن نفسه أنَّه ما ترك صلاة جماعة في المسجد
أكثر من أربعين سنة يدرك الآذان مع المؤذن
(5) وعليك أن تكون قد تهيأت للصلاة :
 وأول ذلك الوضوء – إن لم تكن متوضئًا – والأفضل أن تفعل هذا قبل أذان المغرب
فتوضأ ، واجعل هذا المعنى يجول بقلبك :
اللهم يا من تطهر الأبدان بالماء  ، طهر قلبي بالتوبة من الذنوب والآثام ،
 فإذا فرغت من الوضوء فقل :
 أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أنَّ محمدًا عبدُه و رسولُه
واحتسب بذلك : تناثر السيئات من أعضاء الوضوء فيا ليتها تُنثر آثارها من القلوب ،
 وتحصيل نصف الإيمان ، وتكفير الخطايا والسيئات ،
وأن تكون من أهل الإيمان  بالمحافظة عليه ،
وأنَّها أعضاء الوضوء ستكون غرة لك يوم القيامة .
(6) ولا تغفل عن السواك فإنَّه من الأسباب لرضا الرحمن ،
ووصية النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم :
" السواك مطهرة للفم مرضاة للرب "
[ رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحيهما وصححه الألباني (209) في صحيح الترغيب  ]
قال صلى الله عليه وسلم :
" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك "
[ رواه أحمد ، وقال الألباني : حسن صحيح (200) في صحيح الترغيب ]
(7) وقل بعد الفراغ منه :
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
و أنَّ محمدًا عبدُه و رسولُه ، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت
أستغفرك وأتوب إليك .
واحتسب : أن تكون قد أتيت بسبب لفتح أبواب الجنة الثمانية ،
ومنحة عظيمة مدخرة ليوم المعاد
(8) التوجه للمسجد لأداء صلاة المغرب في أول الوقت .
ثمَّ توجه إلى المسجد - إن لم تكن معتكفًا أو قد خرجت له ،
وانتظرت الصلاة فيه – ولا تنسَ ذكر الخروج :
 " بسم الله ، توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله "
واحتسب : الهداية والوقاية وابتعاد الشيطان عنك .
(9) وأبشر بالغنيمة الباردة ،
فاحتسب هذه الخطوات فإنَّها عظيمة الأجر  ؛
 فلك بكل خطوة حسنة ومحو سيئة ، وأجر صدقة ،
وأجر الرباط في سبيل الله ، ولك أن تعرف أنَّ رباط شهر خير من صيام دهر ،
واحتسب أنَّك منذ خرجت من بيتك فأنت في صلاة حتى ترجع ،
 فاحتسب كل ثانية من هذا الوقت في ميزان حسناتك ،
وأبشر بالنور التام يوم القيامة يا من تمشي في ظلام الليل إلى المساجد ،
واعلم أنَّ هذه الخطوات سبب من أسباب سعادتك في الدنيا والآخرة ،
وخروجك من الذنوب كيوم ولدتك أمك ،
وأعد الله لك في كل مرة تذهب إلى المسجد منزلاً في الجنة ،
وكنت في ضمان الله وحفظه .
وخذها هدية – ولا تنس الدعاء لي بعدها –
 فاحتسب في ذهابك للصلاة المكتوبة أجر حجة .
 قال صلى الله عليه وسلم:
" من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة "
[ أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني (6556) ] 
 
(10) ثمَّ إذا دخلت المسجد فلا تنس ذكر الدخول :
قال صلى الله عليه وسلم :
" إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي و ليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك "  
 [ رواه أبو داود وصححه الألباني (515) في صحيح الجامع ]
واستحضر أنَّك ما أتيت هذه الصلاة إلا ابتغاء رضوان الله ،
 وأبشر بفرح الله  بك ، ولن تعدم من ربٍ يضحك ويفرح خيرًا .
قال صلى الله عليه وسلم :
" لا يتوضأ أحدكم فيحسن وضوءه فيسبغه ثم يأتي المسجد
 لا يريد إلا الصلاة إلا تبشش الله إليه كما يتبشش أهل الغائب بطلعته "
[ رواه ابن خزيمة وصححه الألباني (303) في صحيح الترغيب ]
فأنت الآن ضيف في بيت الله ، فأبشر بالكرم والجود الإلهي السابغ .
واحتسب : أن تكون في ظل عرش الرحمن يوم الحشر حين تدنو الشمس من الرؤوس
 ويلجم العرق النَّاس إلجامًا ، ويعانون من شدة الحر ما لا يوصف .
وانوِ الاعتكاف الجزئي في المسجد ، لتنال شيئًا من فضل الاعتكاف في المساجد – إن لم تكن معتكفًا -
 
(11) ثمَّ صلِّ ركعتين ، لعلها تكون سبب غفران الذنوب المتقدمة ،
ودخولك الجنة ، ومرافقة الأحبة محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه .
ولك في كل صلاة نافلة أن تحتسب ما يلي :
(أ) القرب من الله تعالى .
 قال تعالى : " وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ" [ العلق : 19]
فكلَّما سجدت أكثر كان قربك من الله أكثر وصرت عن الدنايا أعلى ، ولك دعوة مستجابة .
(ب) مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة .
 فقد قال صلى الله عليه وسلم لربيعة بن كعب رضي الله عنه لمَّا سأله مرافقته في الجنة
 " أعني على نفسك بكثرة السجود " [رواه مسلم ]
(ج) تكفير الخطايا ورفعة الدرجات عند الله تعالى .
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :
 " عليك بكثرة السجود لله ، فإنَّك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة ، وحطَّ عنك بها خطيئة "
 [ رواه مسلم ]
وأبشر : فقد قال صلى الله عليه وسلم :
 " فإن هو قام فحمد الله وأثنى عليه ومجَّده بالذي هو له أهل ،
وفرَّغ قلبه لله تعالى إلا انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه " [ رواه مسلم ]
فلعلك ترزق صلاة ذات خشوع وخضوع تفرغ فيها قلبك لله تعالى ، فتخرج من ذنوبك كلها . 
(12) وانتظر الصلاة ،
 واحتسب في جلوسك في المسجد :
 استنزال الرحمة والمغفرة ، وأنَّك في صلاة ما انتظرت الصلاة ،
 و أن تكون في صحبة الملائكة ورفقة الصالحين ،
ولعل الله يكتبك في عباده المتقين بذلك ،
 قال صلى الله عليه وسلم : " المسجد بيت كل تقي "
[ رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار وحسنه الألباني (330) في صحيح الترغيب ]
(13) عليك أن تُشغل هذا الوقت بالاستغفار والدعاء والذكر ،
أو بقراءة شيء من القرآن ، و الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب
(14) أداء صلاة المغرب
ثمَّ قم لأداء صلاة المغرب في الجماعة ،
ولابد أن تكون قبلها قد أفطرت فتلك السُّنة ، ولا تنس السواك .
وتحرَّ أن تكون في الصف الأول ،
واحتسب : أنْ يكون هذا سببًا في تنزل رحمة الله عليك ، وهدايتك للتي هي أقوم  ،
ولك من الله منحة عظيمة ، ويكفيك أنَّ  استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك .
فقد كان صلى الله عليه وسلم يستغفر للصف المقدم ثلاثا وللثاني مرة 
 . [ رواه ابن ماجه والنسائي وابن خزيمة في صحيحه والحاكم
وصححه الألباني (490) في صحيح الترغيب ]
وأن تدرك تكبيرة الإحرام وأبشر بخطوة في الطريق 
قال صلى الله عليه وسلم :
 " من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان :
براءة من النار و براءة من النفاق "
[رواه الترمذي وحسنه الألباني (6365) في صحيح الجامع ]
وهذا مشروع إيماني ينبغي أن تفرغ له نفسك ، إنها مائتا  صلاة ،
فاعتبرها مائتي خطوة إلى الجنة ، فهل لا تستحق سلعة الله الغالية أنْ تتفرغ لها ؟
ثمَّ احتسب بصلاتك في أول الوقت أن يرزقك الله محبته بتقربك له بأحب الأعمال إليه .
واحتسب بصلاتك في الجماعة عظيم الأجر
قال صلى الله عليه وسلم :
 " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة "
[ متفق عليه ]
 
(15) وبعد أداء صلاة المغرب
قبل أن تثني رجلك لا تنس هذا الذكر العظيم ،
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ،
 وهو على كل شيء قدير عشر مرات
واحتسب : أن تكون قد أتيت بسبب من أسباب عتق الرقاب ،
والجزاء من جنس العمل ، فأعتق لعلك تُعتق ،
والحفظ من الشيطان من همزه ونفخه ونفثه ووساوسه ،
ومحو الخطيئات وكتابة الحسنات الموجبات .
 
(16) ثمَّ قل : أذكار ما بعد الصلاة .
(أ) سبح ثلاث وثلاثين ، واحمد ثلاثًا وثلاثين ، وكبر ثلاثًا وثلاثين ،
واختم المائة بقولك : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
 له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير .
واحتسب : أن يغفر الله لك ذنوبك ولو كانت مثل زبد البحر.
(ب) قل : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
واحتسب : أن يبلغك الله محبة النبي صلى الله عليه وسلم
 بتنفيذك لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبيبه معاذ رضي الله عنه .
(ج) اقرأ : آية الكرسي .
واحتسب : أن تكون سبب حسن خاتمك ودخولك الجنة إن متَّ تلك الليلة .
(17) ثمَّ عليك بأداء السنة الراتبة ، ويفضل أن تؤديها في البيت ،
إلا أن تخاف أن تُشغل عنها ،
واحتسب مع مثيلاتها من السنن الرواتب : أنها سبب لدخول الجنة .
واقرأ في الأولى ( سورة الكافرون ) ، وفي الثاني ( قل هو الله أحد ).
[ الصحيحة (3328) ]
واحتسب : ثواب قراءة (ثلث وربع ) القرآن
(18) وعليك أن تتخفف في الإفطار بعد المغرب ،
وأوصيك بإحياء هذا الوقت بالصلاة فإنَّها من السنن المهجورة
وعن حذيفة رضي الله عنه قال :
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى إلى العشاء .
 [ رواه النسائي وصححه الألباني (590) في صحيح الترغيب ]
وعن أنس رضي الله عنه : في قوله تعالى :
 " تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ "
 [ السجدة : 16 ]
قال : كانوا يتنفلون ما بين المغرب والعشاء يصلون .
 [ رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الترغيب (589) ]
(19) فإذا قرب وقت العشاء فاصنع كما مرَّ بك في صلاة المغرب .
(20) فإذا خرجت لصلاة العشاء والتراويح
 فاحتسب أجر حجة وعمرة ،
- وأنت أيها المعتكف احتسب هذا الأجر أيضًا - وإن لم تخرج ، فلعلك ترزقه بنيتك .
قال صلى الله عليه وسلم :
 " من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة ،
و من مشى إلى صلاة تطوع فهي كعمرة نافلة " 
 [ أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني (6556) ]
ولا تنس َ أذكار الخروج من المنزل ، والدخول للمسجد ، واحتساب الأجر كما مرَّ .
(21) فإذا كانت صلاة العشاء .
فاحتسب : ثواب قيام نصف الليل ، و مخالفة المنافقين ( أعاذنا الله أن نكون منهم )
ثمَّ صلِّ بعد العشاء ركعتين خفيفتين هي السنة الراتبة
 
(22) فإذا كانت صلاة التراويح .
وعليك أنْ تهتم جيدًا بالنيات والمعاني التي سأذكرها لك ؛
لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قام ليلة القدر  إيمانًا واحتسابًا "
[ متفق عليه ] فنبه على الاحتساب
 
فماذا تحتسب في صلاة التراويح  ؟
(أ) أن تكتب لك قيام الليلة كلها وذلك بأن تصلي حتى ينصرف الإمام .
عن أبي ذر قوله صلى الله عليه وسلم:
  " إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة "
 [ رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني ( 1615) في صحيح الجامع ]
ولك في القيام منح ربانية عظيمة فاحتسبها ليزداد أجرك .
(ب) عظيم الأجر عند الله تعالى بالفوز بالجنة والنجاة من النَّار ..
قال تعالى : " إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
 وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
[السجدة: 15-17]
ووصفهم في موضع آخر , بقوله : " وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا
[ إلى أنْ قال ] أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا
خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا " [الفرقان : 64-75]
وفي ذلك من التنبيه على فضل قيام الليل ,
وكريم عائدته ما لا يخفى وأنه من أسباب صرف عذاب  جهنم ، والفوز بالجنة ,
 وما فيها من النعيم المقيم , وجوار الرب الكريم , جعلنا الله ممن فاز بذلك.
(ج) مغفرة سالف الذنوب .
كما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم  :
" من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "  [متفق عليه]
 
(د) تحصيل منزلة التقوى
قال تعالى : "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ
كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ " [الذاريات : 15-17] فجعل القيام من صفاتهم .
(هـ) أنْ يلحقك الله بركب الصالحين والصديقين والشهداء .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
 يا رسول الله : أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول  الله ،
 وصليت الصلوات الخمس ، وأديت الزكاة ، وصمت رمضان وقمته ،
فممن أنا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من الصديقين والشهداء " .
[ رواه البزار وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما واللفظ لابن حبان .
 وصححه الألباني (361) في صحيح الترغيب]
وقال  صلى الله عليه وسلم : " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم "
[ أخرجه الترمذي والإمام أحمد في مسنده وصححه الألباني ( 4079 ) في صحيح الجامع ] .
(و) تثبيت الإيمان والإعانة على جليل الأعمال , وما فيه صلاح الأحوال والمآل
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا
إلى قوله : إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا "
 [المزمل : 1-6 ]
قال الفراء : " أَشَدُّ وَطْئًا " أي أثبت للعمل وأدوم لمن أراد الاستكثار من العبادة
 والليل وقت الفراغ عن الاشتغال بالمعاش فعبادته تدوم ولا تنقطع .
وقال عكرمة : " وَأَقْوَمُ قِيلًا" أي أتم نشاطا وإخلاصا وأكثر بركة .
وقال ابن زيد : أجدر أن يتفقه في القرآن وقيل أعجل إجابة للدعاء .
(س) الوقاية والنجاة من الفتن ، والسلامة من دخول النار
فعن أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي  صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة
 فقال : سبحان الله , ماذا أُنزل الليلة من الفتنة ؟ ! ماذا أنزل الليلة من الخزائن ؟ !
من يوقظ صواحب الحجرات ؟ [ رواه البخاري ]
وفي ذلك تنبيه على أثر الصلاة بالليل في الوقاية من الفتن
وفي قصة رؤيا ابن عمر قال :
"فرأيت كأن ملكين أخذاني , فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطي البئر ,
وإذا لها قرنان - يعني كقرني البئر - وإذا فيها أناس قد عرفتهم ,
 فجعلت أقول أعوذ بالله من النار , قال : فلقينا ملك آخر . فقال : لم ترع
" فقصصتها على حفصة , فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم
  فقال : " نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل ,
فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا " [متفق عليه ]
 
(ح) أن يعزك الله وتكون من أشراف العباد .
قال صلى الله عليه وسلم  : 
" شرف المؤمن قيامه بالليل و عزُّه استغناؤه عن الناس  "
[ أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي وحسنه الألباني (73) في صحيح الجامع ]
وقال صلى الله عليه وسلم : " أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل "
 [ رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي وصححه الألباني (628) في صحيح الجامع ]
(ط) أن يكون سببًا في العصمة من الذنوب .
(ي) التقرب على الله تعالى .
(ك) تكفير السيئات .
قال صلى الله عليه وسلم :
"عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وقربة إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم " 
 
(ي) إصلاح فساد القلوب .
قيل للحسن : ما بال القائمين أحسن الناس وجوها ؟
فقال : إنهم خلوا بالله في السحر فألبسهم من نوره
وفي ليالي العشر لا نوم ، بل اشتغال بالصلاة حتى تتفطر قدمك ، ولم لا ؟
والجائزة قد علمت قدرها وشرفها .
قال صلى الله عليه وسلم : " من قام بألف آية كتب من المقنطرين "
[ رواه أبو داود وابن حبان وصححه الألباني (6439) في صحيح الجامع ]
وهذا زمان السباق إلى الله تعالى ، فشمِّر عن ساعد الجد ، وأرِ الله من نفسك عزيمة صادقة
على بلوغ تلك المراتب العالية .
كان تميم الداري وأبي بن كعب يقوما بالناس في شهر رمضان
فكان القارئ يقرأ بالمائتين في ركعة ، حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام  ،
 وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر ، بل كان بعضهم يربط الحبال بين السواري ثمَّ يتعلق بها .
ومن الآداب احتسب : إقامة سنة من السنن المهجورة بالتسوك بين ركعات القيام .
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يصلي بالليل ركعتين ركعتين ثم ينصرف فيستاك
[ رواه ابن ماجه والنسائي وصححه الألباني (212) في صحيح الترغيب ]
نصيحة
إن كنت ذا همة فحاول أن تصلي وراء أحد الائمة ممَّن يطيلُ الصلاة فإنَّها أفضل القيام ،
 قال صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصلاة طول القنوت " [ رواه مسلم ]
أو اذهب على أحد المساجد التي يتهجدون فيها طوال الليل ،
 وانصحك بأن لا تخرج من المسجد حتى  الفجر ،
 وتقضي هذا الوقت كله في الصلاة وقراءة القرآن والدعاء والاستغفار ،
وإياك أن تلغو ، أو تغفل في أمور الدنيا ،
حتى لا يطلع الله عليك وهذه حالتك فيعرض عنك كما أعرضت عنه .
 
(23) وقت السحر وقت المناجاة
فإنه وقت نزول  الرب جل وعلا ، وقت إجابة الحاجات ،
وعطايا الوهاب ، ومغفرة الذنوب ، والتوبة للمذنبين .
قال صلى الله عليه وسلم : " إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول :
 هل من سائل    فيعطى ؟ هل من داع فيستجاب له ؟ هل من مستغفر فيغفر له ؟ حتى ينفجر الصبح "
 [ رواه مسلم ]
وفي رواية :
قال صلى الله عليه وسلم : " تفتح أبواب السماء نصف الليل ،
فينادي مناد : هل من داع فيستجاب له ؟ هل من سائل فيعطى ؟
هل من مكروب فيفرج عنه ؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له
إلا زانية تسعى بفرجها أو عشار" [ أي جابي الضرائب بغير حق ]
 [رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني (2391)في صحيح الترغيب ]
رياح هذه الأسحار تحمل أنين المذنبين ، وأنفاس المحبين وقصص التائبين ،
ثم تعود برد الجواب بلا كتاب ، فإذا ورد بريد برد السحر يحمل ملطفات الألطاف
 لم يفهمها غير من كتبت إليه .
يا يعقوب الهجر قد هبت ريح يوسف الوصل ، فلو استنشقت لعدت بعد العمى بصيراً ،
ولوجدت ما كنت لفقده فقيراً .
لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار ،
 ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها :
" فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ
فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ " [ يوسف : 88 ]
لبرز لهم التوقيع عليها :
 "لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" [ يوسف : 92 ]
(24) أكثر من الاستغفار في هذا الوقت ،
واحتسب : تكفير الخطايا العظام . ( فالزم هذا الاستغفار)
قال صلى الله عليه وسلم :
" أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه
غفر له وإن كان فر من الزحف"
[ رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني (1622) في صحيح الترغيب ]
 
وأنْ يلحقك الله بركب المتقين ، ويدفع عنك العذاب والنقم والابتلاءات ،
 ويمن الله عليك بطوبى في الجنة ،  و يدخل على قلبك السرور يوم الفزع الأكبر عند الحساب .
 
 
فائدة عن سادات المستغفرين
قال أبو هريرة رضي الله عنه :
 إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة وذلك على قدر ديني أو قدر دينه .
 [ الحلية (1/383) ]
قال رياح القيسي : لي نيف وأربعون ذنبا قد استغفرت لكل ذنب مائة ألف مرة .[ الحلية (6/194) ]
ودخل حبيب بن مسلمة الفهري الحمَّام بحمص فقال :
هذا من نعيم ما ينعم به أهل الدنيا ، لو مكثت فيه ساعة لهلكت ،
ما أنا بخارج منه حتى أستغفر الله ألف مرة .  [ الآحاد والمثاني (2/129) ]
وهذا عبد العزيز المقدسي قال :  لما بلغت الحلم أخذت على نفسي أن أروضها وأمنعها من الآثام ،
 واستوفقت الله تعالى فوفقني ، واستعنت به فأعانني ،
 ولقد حاسبت نفسي من يوم بلوغي إلى يومي هذا ، فإذا زلاتي لا تجاوز ستة وثلاثين زلة،
  ولقد استغفرت الله عز وجل لكل زلة مائة ألف مرة ،
وصليت لكل زلة ألف ركعة ختمت في كل ركعة منها ختمة ،
وإني مع ذلك غير آمن سطوة ربي عزوجل أن يأخذني بها وأنا على خطر قبول التوبة .
  [ صفة الصفوة (4/245) ]
(25) السحور .
تسحر ولا تنس تبييت النية بالصيام - وأكلة السحور في نفسها نية - 
وكلَّما أخرّتها كان أفضل ، والسحور أكلة بركة فلا تتركها ولو بجرعة ماء ،
وأفضله : التسحر بالتمر .
واحتسب : أنْ يكون في امتثالك لهدي النبي صلى الله عليه وسلم سبب لأن يهديك الله ويرزقك البصيرة .
(26) الدعاء .
مرَّ عليك أنَّ هذا وقت من أوقات إجابة الدعاء ، فالزم :
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنَّا ،
ربنا ظلمنا أنفسنا ، وإن لا تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ،
 رب إنَّي ظلمت نفسي فاغفر لي ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ،
سبحانك ما عبدناك حق عبادتك فاغفر لنا .
ومن آداب الدعاء : كثرة الثناء على الله بما هو أهله ،
وهو ما يسميه العلماء ( التملق ) : لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .
سأل أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
علمني دعاء لعل الله أن ينفعني به .
فقال صلى الله عليه وسلم : قل اللهم لك الحمد كله وإليك يرجع الأمر كله .
 [ رواه البيهقي وحسنه الألباني (1576) في صحيح الترغيب ]
(27) مع الفجر .
أنت من الآن قد شرعت في عبادة الصيام ، فأكرم بها من طاعة ،
ولك فيها نيات عظيمة ، اذكرك بها هنا لعلك قد نسيتها بعد مضى عشرين يومًا ،
فأخشى أن يكون قد صار عادة ، فاحتسب هذه النوايا في الصيام ليزداد أجرك ،
وتعظم منزلتك عند الله تعالى .
فاحتسب  :
·        تحصيل ثمرة التقوى . " لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [ البقرة : 183]
·       والتخلص من آثار وتبعات ذنوب الماضي .
·       وأن يبلغك الله الدرجات الرفيعة والتشرف بأداء عمل نسبه الله لنفسه .
·       والاستشفاء من جميع الآفات التي تحول بينك وبين الله فالصوم لا مثل له .
·   واحتسب بصومك الوقاية من آثار الفتن  ، والنجاة من شدة الحساب
فالصيام كفارة للذنوب وزيادة على ثواب الكفارة .
·   وأنَّه سبب للحفظ والأمان من الوقوع في وحل المعاصي والحرمان ،
فالصوم حنة وحصن  منيع ، يحصن الإنسان من الشيطان وخطواته ،
ويمنع صاحبه من أن ينزلق في الأقذار والأرجاس .
·       وأن يكون سببًا للوقاية من داء وخطر الشهوة .
·       الابتعاد عن النَّار بكل يوم مسيرة مائة عام .
·       أنه سبب من أسباب الشفاعة يوم القيامة .
·       طرق سبيل من أعظم السبل للجنة وإجابة نداء الريان
·       دفع مهر الحور العين .
·       زيادة الرصيد الإيماني
·       التطيب بما هو أطيب عند الرحمن .
·       التحلي بشعار الأبرار .
 
·          إبهاج القلوب الحزينة فللصائم فرحتان .
 
·       شكر الله على نعمه
 
·       ترويض النفس بالصبر على الطاعة .
·       التحفيز على فعل الطاعات وترك المنكرات بترك فضول الطعام .
·       سبب لقضاء الحوائج إذ دعوة الصائم مستجابة .
·       سبب للين القلب .
·       سبب للعتق من النار ( أعتقني الله وإياك منها ) .
 
(28) مع أذان الفجر
لا تنس ترديد الأذان ، والدعاء بعده ،
ثمَّ قم وأسرع بأداءِ ركعتي السنة ( الفجر ) ، وهما من آكد السنن الرواتب ،
فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر
وكان صلى الله عليه وسلم يصليهما خفيفتين ،
يقرأ في الأولى (سورة الكافرون) ،  وفي الثانية ( سورة الإخلاص ) .
ثمَّ من السنة أن تضطجع على شقك الأيمن قليلاً بعد أدائهما .
واحتسب فيهما :
عظم الأجر الذي الدنيا وما فيه لا تساويه .
قال صلى الله عليه وسلم : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها "
 [رواه مسلم ]
فائدة .
نقل ابن القيم عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنَّ
" من واظب على أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر
 يا حي يا قيوم ، لا إله إلا أنت ، برحمتك أستغيث حصلت له حياة القلب ولم يمت .
 [ مدارج السالكين (1/448) ]
(29) أداء صلاة الفجر في الجماعة .
واحتسب بأدائها : الحفظ والعناية فمن صلاها في جماعة فهو في ذمة الله ،
 وهي سبب لدخول الجنة ، وللعتق من النَّار ، ومغفرة الذنوب يوم القيامة باستغفار الملائكة لك .
(30) جلسة الذكر بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس .
اجلس بعد الصلاة ، وقل : أذكار الصباح حتى شروق الشمس .
واحتسب :  أجر عمرة وحجة تامة تامة ،
و أن يعتق الله رقبتك من النار بعتقك للرقاب ، وهذه الجلسة هي قوت وزاد القلب والروح .
فائدة : الهدي النافع في هذه الجلسة
قال ابن القيم  في طريق الهجرتين :
" فإذا فرغ من صلاة الصبح أقبل بكليته على ذكر الله والتوجه إليه
بالأذكار التي شرعت أول النهار فيجعلها وردا له لا يُخلُّ بها أبدا ،
 ثم يزيد عليها ما شاء من الأذكار الفاضلة ،
أو قراءة القرآن حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت فإن شاء ركع ركعتي الضحى وزاد ما شاء ،
 وإن شاء قام من غير ركوع " [ طريق الهجرتين ص (322) ]
(31) فانشغل بالأذكار ولك فيها منن لا تُحصى
ففي دبر الصلاة :
قال صلى الله عليه وسلم : 
" من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ،
 وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ،
 ورفع له عشر درجات ، وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه ،
وحرس من الشيطان ، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله "
 [ رواه الترمذي وقال : حسن غريب صحيح ، وحسنه الألباني (472) في صحيح الترغيب ]
وإن كنت عالي الهمة فأبشر بخير عمل تعمله في يومك هذا إذا قلتها مائة مرة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :
من قال دبر صلاة الغداة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ،
وله الحمد ، يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير مائة مرة .
قبل أن يثني رجليه كان يومئذٍ من أفضل أهل الأرض عملاً
إلا من قال مثل ما قال أو زاد على ما قال .
 [ رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد وحسنه الألباني (476) في صحيح الترغيب ]
نصيحة
اقتن كتابًأ كـ ( حصن المسلم ) ، ( مختصر النصيحة) واحفظ أذكار الصباح .
رددها ولا تتغافل عن شيء منها وأبشر بهذه العطايا فاحتسبها :
(أ) الحفظ والأمان والكفاية من كل شر وبلاء .
·       وذلك بقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات .
 
·       وقولك : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك
·       وقولك : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء
 وهو السميع العليم ثلاث مرات
·   وقولك : أصبحنا و أصبح الملك لله رب العالمين ،
 اللهم أني أسألك خير هذا اليوم ، فتحه ، و نصره ، و نوره ، و بركته ،
و هداه ، و أعوذ بك من شر ما فيه ، و شر ما قبله ، و شر ما بعده .
·   وقولك : اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ،
 اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ،
اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي
وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي – أي الخسف -  
(ب) الحفظ من الجن والشياطين .
وذلك بقراءة آية الكرسي .
(ج) دخول الجنة
· وهذا بقولك : سيد الاستغفار بيقين وهو  : " اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ،
خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ،
 أبوء لك بنعمتك عليَّ ، وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت "
·  وبقولك : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا
(د) الإتيان بأفضل الأعمال في اليوم والليلة ، ومغفرة الذنوب مهما كثرت .
بأن تقول : ( سبحان الله وبحمده 100 مرة فأكثر )
(هـ) عتق رقبتك من النار و ادخار عظيم الأجر عند الله
·       وذلك بقولك : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله مائة مرة .
·   اللهم ! إني أشهدك وأشهد ملائكتك وحملة عرشك
وأشهد من في السماوات ومن في الأرض : أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك
وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك [ ثلاث أو أربع مرات ]
·       وقولك : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته .
(و) الامتثال لوصية النبي صلى الله عليه وسلم ..
بأن تقول : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين .
اللهم فاطر السموات و الأرض ، عالم الغيب و الشهادة ، رب كل شيء و مليكه،
  أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي ، و من شر الشيطان و شركه .
وفي اليوم والليلة لا تغفل عن التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل ،
ولو لزمت هذه الصيغة كان حسنًا .
سبحان الله عدد ما خلق ، سبحان الله ملء ما خلق ،
سبحان الله عدد ما في الأرض ، سبحان الله ملء ما في الأرض ، والسماء
سبحان الله عدد ما أحصى كتابه ، سبحان الله ملء ما أحصى كتابه ، 
 سبحان الله عدد كل شيء ، سبحان الله ملء كل شيء ،
الحمد لله عدد ما خلق والحمد لله ملء ما خلق ،
والحمد لله عدد ما في الأرض والسماء ،
والحمد لله ملء ما في الأرض والسماء ،
 والحمد لله عدد ما أحصى كتابه ، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه ،
والحمد لله عدد كل شيء ، والحمد لله ملء كل شيء .
(32) إذا خرجت من المسجد – إن لم تكن معتكفًا -
 فلا تنس ذكر الخروج :
" بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك "
واحتسب : أن يضمن الله أفعالك في مرضاته ، فيشملك برحمته ،
 فلا يقع منك عمل إلا له ، فيكون ذلك من أسباب دخولك الجنة .
قال صلى الله عليه وسلم :
 " ثلاثة كلهم ضامن على الله إن عاش رزق وكفي ،
وإن مات أدخله الله الجنة ، من دخل بيته فسلم فهو ضامن على الله ،
 ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله ،
ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله "
 [ رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه وصححه الألباني (321) في صحيح الترغيب ]
يقول ابن القيم : ثم يذهب متضرعًا إلى ربه سائلا له أن يكون ضامنا عليه
 متصرفا في مرضاته بقية يومه فلا ينقلب إلا في شيء يظهر له فيه مرضاة ربه ،
وإن كان من الأفعال العادية الطبيعية قلبه عبادة بالنية ، وقصد الاستعانة به على مرضاة الرب "
(33) صلاة الضحى . ( من بعد وقت الشروق حتى قبيل الظهر )
أفضله أربع ركعات ، تصليها في مسجد ، قبيل وقت الظهر ،
امتثالاً لوصية النبي صلى الله عليه وسلم ،
واحتسب :
·       أجر عمرة إذا خرجت فأديتها في المسجد
قال صلى الله عليه وسلم :
 " ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر "
[ رواه أبو داود وحسنه الألباني (320) في صحيح الترغيب ]
·       أن يكون لها بها بيتًا في الجنة  
قال صلى الله عليه وسلم : 
" من صلى الضحى أربعا و قبل الأولى أربعا بني له بيت في الجنة "
 [ رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني (6340) في صحيح الجامع ]
واحتسب بأدائها  التصدق عن جميع أعضاء البدن ،
 وهي من أعظم الغنائم الإيمانية ، وسبب لحفظ  الله ورعايته لك ،
وبها تكتب عند الله من الأوابين ، وحينها أبشر بالمغفرة ، والتحلي بحلية الأنبياء
 
(34) عند النوم
يشرع النوم في العشر في هذا الوقت بخلاف سائر العام ، فخذ بقسط من النوم
 واحتسب كما كان معاذ رضي الله عنه يقول :
 أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي .
أي إذا نمت فنم بنية القوة وإجماع النفس للعبادة ،
وتنشيطها للطاعة ، فترجو في ذلك الأجر كما ترجو في القيام قومتي .
فحذار أن تغفل عن النية عند النوم فإنك إذا كنت تنام في اليوم والليلة ثماني ساعات ،
فإنَّه ثلث العمر ، فكيف ترضى أن يضيع عليك ثلث العمر في غير طاعة الله ، فقط تأدب بالسنن الواردة . 
 
احتسب :
(أ)  التقوي على الطاعة بأن يوفقك الله للتهجد وقت السحر .
(ب) وتنام مغفورًا له ، إذا نمت على طهارة .
بل أبشر بمغفرة عظيمة إذا قلت هذا الذكر  :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ،
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
 سبحان الله ، والحمد   لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر .
فقد أخبر  صلى الله عليه وسلم أنَّ من قال حين يأوي إلى فراشه غفرت له ذنوبه
 أو خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر .
 [ رواه ابن حبان وصححه الألباني (607) في صحيح الترغيب ]
(ج) أن يُستجاب دعاؤك .
قال صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يبيت طاهرا فيتعار من الليل
فيسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه "
[ رواه أبو داود وصححه الألباني (598) في صحيح الترغيب ]
 
 
ولا تغفل عن هذه الأذكار :  
·       " فكبر الله أربعا وثلاثين ، وسبحه ثلاثا وثلاثين ، واحمده ثلاثا وثلاثين "
واحتسب بهذا : قوة على الطاعة وعلى أداء حوائج الدنيا .
·       اقرأ سورة ( الكافرون) واحتسب : إقامة للتوحيد وبراءة من الشرك .
قال صلى الله عليه وسلم :  اقرأ :
 " قل يا أيها الكافرون " ثمَّ نم على خاتمتها ، فإنها براءة من الشرك .
[ رواه أبو داود وحسنه الألباني (605) في صحيح الترغيب ]
·   قال صلى الله عليه وسلم : " من قال : إذا أوى إلى فراشه
الحمد لله الذي كفاني وآواني والحمد لله الذي اطعمني وسقاني
والحمد لله الذي منَّ عليَّ فأفضل .. فقد حمد الله بجميع محامد الخلق كلهم "
 [ رواه البيهقي في الشعب وحسنه الألباني (609) في صحيح الترغيب ]
·       اقرأ : آية الكرسي .
واحتسب : أن يشملك الله بحفظ ورعاية ، وتُعاذ من همزات الشياطين .
ومن السنة :
أن تنام واضعًا يدك اليمنى تحت خدك الأيمن ثم تقول : اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت .
(35) عند صلاة الظهر
فأدِّ السنة القبلية : أربع ركعات . تطيل فيهن القيام ، وتحسن الركوع والسجود 
واحتسب :  العتق من النار  .
 قال صلى الله عليه وسلم : 
" من يحافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار "
 [ رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وقال الألباني : حسن صحيح (584) ]
و رفع العمل الصالح عند تفتح أبواب السماء
عن أبي أيوب الأنصاري قال : لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ
رأيته يديم أربعا قبل الظهر وقال : 
" إنه إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء ، فلا يغلق منها باب حتى تصلى الظهر ،
 فأنا أحبُّ أن يرفع لي في تلك الساعة خير"
 [ رواه الطبراني في الكبير والأوسط  وحسنه الألباني (585) في صحيح الترغيب ]
ثمَّ التزم ما تقدم ذكره قبل الصلوات .
(36) ثمَّ أدِّ صلاة الظهر  ،
 ثم أدِّ السنة البعدية : أربع ركعات .
كما تقدم لك فضلها ، ولك أن تنام نوم القيلولة لتتقوى به على صلاة الليل ،
 أو انشغل بقراءة ورد القرآن – إن وجدت قوة -
(37) عند صلاة العصر  
عليك بأداء  السنة القبلية واحتساب : تنزل الرحمات .
 قال صلى الله عليه وسلم : " رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا "
[ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه،  وحسنه الألباني (588) في صحيح الترغيب ]
ثمَّ أدِّ صلاة العصر ، وهي الصلاة الوسطى عند جمهور العلماء ،
ومن حافظ عليها وعلى صلاة الفجر فهو مُبشَّر بدخول الجنة .
(38) وبعد صلاة العصر :
قل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ،
وهو على كل شيء قدير عشر مرات
واحتسب كما كان بعد الفجر : كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ،
 ورفع له عشر درجات ، وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه ،
وحرس من الشيطان ، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله .
ففي رواية " من قالهن حين ينصرف من صلاة العصر أعطي مثل ذلك في ليلته "
 [ رواه النسائي وحسنه الألباني (472)في صحيح الترغيب  ]
(39) الاعتكاف بين العصر والمغرب واحتساب : العتق من النار .
قال صلى الله عليه وسلم :
" لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس
أحب إليَّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل ، دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفا ،
ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أنْ تغربَ الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة " 
   [ رواه أبو داود وحسنه الألباني (5036) في صحيح الجامع ، (2916) في الصحيحة ]
وقال صلى الله عليه وسلم : " لأن أقعد أذكر الله تعالى وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله
حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق رقبتين من ولد إسماعيل ،
ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أنْ أعتق أربع رقبات من ولد إسماعيل "
 [ رواه الإمام احمد وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (466) ]
(40) وقبيل المغرب لا تغفل عن أذكار المساء ، كما مرَّ بك في أذكار الصباح ،
مع تغيير( أصبحنا ) إلى ( أمسينا ) ولا تغفل عن احتساب النوايا .
ثمَّ الهج بالدعاء وارفع يديك ، وبالغ في ذلك مع اجتهادك في الدعاء ،
 واجمع قلبك على طلب العتق من النار ، وبلوغ ليلة القدر ،
والخروج من رمضان مغفورًا لك مرحومًا مكتوبًا في عباد الله الصالحين المتقين  .
تنبيهات
قراءة القرآن في العشر :
كان سلفنا الصالح يجتهدون في قراءة القرآن في رمضان ،
فقد كان قتادة رضي الله عنه يختم في سبع ،
وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر كل ليلة .
وهذا الورد يناسب حال المعتكفين ،
ولا أقل من أن تقرأ في كل يوم وليلة (10 أجزاء )
 إلا أن تكون تصلي وراء إمام يقيم الليلة كلها ،
 فيشرع لك (5 أجزاء ) في النهار من باب إصلاح القلب ومداوته من آفاته ،
 وتهيئته لجوائز الرحمن .
واحتسب عند القراءة في المصحف : أنَّها من الأسباب الموجبة لمحبتك لله تعالى
قال صلى الله عليه وسلم : "  من سرَّه أنْ يحبَّ الله ورسوله فليقرأ في المصحف "
 [ رواه البيهقي وأبو نعيم وحسنه الألباني (2342) في الصحيحة ]
ولك في القراءة عظيم المنن فاحتسب أنها سبب موجب لمعية الله الخاصة ، 
 أما تحب أنْ تكون من أهل الله وخاصته ، الذين يكلأهم بالليل والنهار ،
 ويحفظهم ، ويرد عنهم ، فالله يدافع عن الذين آمنوا ،
 أما ترضى أنْ يرجع النَّاس بالذهب والفضة والعشيرة والنسب
 وترجع أنت بالله ورسوله ،
واحتسب أيضًا : أن تكون من خيرة خلق الله بإدمانك للتلاوة ،
 وتعلمك وتعليمك للقرآن ، ورفعك الله وأعزك ، وكنت على صلة به ،
 ناهيك عن قناطير من الحسنات بقراءة كل حرف ،
ولك من الله إكرام السابغ يوم القيامة ، وشفع لك القرآن ،
وكان سببًا في وقايتك من  عذاب النار ، وإذا أحسنت التلاوة كنت  مع السفرة الكرام البررة .
 إلى غير هذا من الفضائل لقارئ القرآن .
هذا نذير .. احذر بطش الله .
أيها العاصي المذنب ـ وكلُّنا ذلك الرجل ـ حذار من بطش الله وسوء العاقبة ،
فينظر إليك ليلة القدر ، ليلة المغفرة ، ليلة الجائزة ،
 فيجدك على المعاصي مقيمًا ، فيسخط عليك .
قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه :
 " وإياك والمعصية فإنَّ بالمعصية حلَّ سخط الله "
 [رواه أحمد والطبراني في الكبير وحسنه الألباني (570) في صحيح الترغيب ]
عن عبد الله بن المديني قال : كان لنا صديق فقال :
خرجت إلى ضيعتي فأدركتني صلاة المغرب فأتيت إلى جنب مقبرة فصلَّيت المغرب قريبًا منها ,
 فبينما أنا جالس إذ سمعت من جانب القبور أنينا فدنوت إلى القبر الذي سمعت منه الأنين
وهو يقول : آه قد كنت أصوم ، قد كنت أصلي ، فأصابني قشعريرة ,
فدعوت من حضرني  ، فسمع مثل ما سمعت ، ومضيت إلى ضيعتي ,
 ورجعت يعني في اليوم الثاني , وصليتُ في موضعي الأول وصبرت حتى غابت الشمس ،
وصليت المغرب ثم استمعت إلى ذلك القبر فإذا هو يئن ويقول :
آه قد كنت أصلي ، قد كنت أصوم , فرجعت إلى منزلي ومرضت بالحمى شهرين .
قال ابن حجر الهيتمي : وأقول : قد وقع لي نظير ذلك ,
وذلك أني كنت - وأنا صغير - أتعاهد قبر والدي - رحمه الله - للقراءة عليه ،
 فخرجت يوما بعد صلاة الصبح بغلس في رمضان ,
 بل أظن أنَّ ذلك كان في العشر الأخير بل في ليلة القدر , فلما جلست على قبره ...
ولم يكن بالمقبرة أحد غيري , فإذا أنا أسمع التأوه العظيم والأنين الفظيع بآه آه آه ،
وهكذا بصوت أزعجني من قبر مبني بالنورة والجص له بياض عظيم ,
 فقطعت القراءة واستمعت فسمعت صوت ذلك العذاب من داخله ،
 وذلك الرجل المعذب يتأوه تأوها عظيما بحيث يقلق سماعه القلب ،
ويفزعه فاستمعت إليه زمنًا , فلما وقع الإسفار خفي حسه عني ,
 فمر بي إنسان فقلت قبر من هذا ؟ قال : هذا قبر فلان لرجل أدركته - وأنا صغير - 
 وكان على غاية من ملازمة المسجد والصلوات في أوقاتها والصمت عن الكلام .
 وهذا كله شاهدته وعرفته منه ، فكبر عليَّ الأمر جدا ؛
لما أعلمه من أحوال الخير التي كان ذلك الرجل متلبسا بها في الظاهر ,
 فسألت واستقصيت الذين يطلعون على حقيقة أحواله ،
 فأخبروني أنه كان يأكل الربا , فإنه كان تاجرا ثم كبر ،
وبقي معه شيء من الحطام , فلم ترض نفسه الظالمة الخبيثة
أن يأكل من جنبه حتى يأتيه الموت ،
بل سوَّل له الشيطان محبة المعاملة بالربا حتى لا ينقص ماله
فأوقعه في ذلك العذاب الأليم حتى في رمضان حتى في ليلة القدر .
[ الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/24-25) ]
 
 
وخاتمة المسك : عفوك يا رب
لما عرف المؤمنون بجلاله خضعوا ، و لما سمع المذنبون بعفوه طمعوا ،
ما ثمَّ إلا عفو الله أو النار ، لولا طمع المذنبين في العفو لاحترقت قلوبهم باليأس من الرحمة ،
و لكن إذا ذكرت عفو الله استروحت إلى برد عفوه .
فيا كبير الذنب عفو الله من ذنبك أكبر ، أكبر الأوزار في جنب عفو الله يصغر .
و إنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها ،
وفي ليالي العشر لأن المؤمنين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملاً صالحاً ،
ولا حالاً ولا مقالاً فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر .
قال يحيى بن معاذ : ليس بعارف من لم يكن غاية أمله من الله العفو .
فاللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنَّا ،
عفو فتتجاوز عن سيئات عبادك ، وتمحو آثارها عنهم ، تحب أن تعفو عن عبادك ،
و تحب من عبادك أن يعفو بعضهم عن بعض ،
 فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملتهم بعفوك ، وعفوك أحب إليك من العقوبة .
اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك ، و عفوك من عقوبتك ..
اللهم إن ذنوبي قد عظمت فجلت عن الصفة ، وإنها صغيرة في جنب عفوك ، فاعف عني .
اللهم جرمي عظيم ، وعفوك كثير،  فاجمع بين جرمي  وعفوك يا كريم .
اللهم يا من ليس في الوجود سواه ، يا من عليه يعتمد ، ومن فضله يسأل ، وإليه يستند ،
 يا أحد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ،
يا كثير الخير ، يا دائم المعروف ، يا من الملائكة في خدمته صفوف ، وعلى طاعته عكوف ،
 يا جار المستجير ، ومن هو على كل شيء قدير يا غياث الملهوف ،
يا من بيده القبض والبسط ، وبيده تقوم السموات والأرض،  
يا من امتدت لمسألته أكف السائلين ، وخرت لعبادته وجوه الساجدين، 
 وعجت بتلبيته أصوات الملبين ، وطمحت إلى معروفه أبصار الآملين ،
يا عالم السر والنجوى ،  يا من إليه المشتكى ،  يا من عنت له الوجوه ،
 وخشعت له الأصوات ، يا من يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ،
 يا من إذا انتهت الشكوى إليه فقد بلغت المنتهى ، يا فالق الحب والنوى ..
اللهم نشكو إليك ما نحن فيه من طاعتك مقصرون ، وعلى معصيتك مصرون ،
وبعظمتك  جاهلون ، وبحكمك مغترون ، وعن القيام بما يلزمنا في حقك عاجزون .
اللهم اجعلنا من الذين يعاملونك بما تحب ، وتعاملهم بما يحبون ،
 وينصرفون عما تكره ، وتصرف عما يكرهون ،
وألحقنا بالذين وجهوا إليك وجوههم ، وأخلصوا لك أعمالهم ،
ولم يعتمدوا على أحد إلا عليك ، ولم يستندوا إلا إليك .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ،
واختم لنا بخير ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين .
فالله أسأل أن يعيننا على طاعته ، وأن يجعل عملنا صالحًا متقبلاً ،
ووصيتي لك إن انتفعت من هذه الرسالة بشيء أو وجدت غير ذلك
أن تدعو لجامعها أن يرزقه الله الصدق والإخلاص في القول والعمل ،
 اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا بالإسلام حتى نلقاك عليه ،
والحمد لله أولا وآخرا ..
كتبه الشيخ:
هاني حلمي
المصدر كتيب من يفوز بليلة القدر؟
لتحميل الكتيب اضغط هنــــــــــــا


مدونة الارض لنا " كل ما يخص المسلم صاحب الهم والدعوة"

قناة الاقصي وتردد جديد