الثلاثاء، 24 مارس 2009

مقولة جميلة من مقولات الامام البنا

السلام عليكم

 

هذه احد مقولات الامام البنا

 

وتحليل لها

 

وقد وضع حسن البنا – رحمه الله - قاعدة تربوية لذلك فقال: "علموه - أي الجيل -:

استقلال النفس و القلب.

 استقلال الفكر و العقل.

 استقلال الجهد والعمل."

أما قوله "استقلال النفس والقلب

 

" فيقصد به حب الحق لا حب الأشخاص. أي التعرف على الفكرة لا التعرف على الأشخاص. فكثير من الناس يهتم بمعرفة الأشخاص، ولا يتساءل أبداً ما هي الفكرة التي يطرحونها. لم يناقشها أو يبحث فيها أو يرى أبعادها، لكنه مقلد في المطلق فعندما تقال له فكرة يقول من قائلها؟ فإذا قيل له فلان رفضها- وإن كانت حقاً- وإن قيل أن قائلها فلان قبلها-
ولو كانت باطلاً.
كيف يمكن تربية جيل النهضة على أهمية التعرف على الأفكار ومناقشتها مناقشة علمية موضوعية بعيداً عن الحماس والعاطفة؟! هذه مسألة في غاية الحيوية. وإذا استعرضنا القطاعات الكبيرة

من العاملين في ساحة النهضة اليوم لنرى كم منهم يعرف على وجه اليقين - وليس على سبيل الظن- الفكرة التي يتحرك أو يدور حولها، وكم منهم يستطيع أن يشرح فكرته لغيره في شكل واضح لا يقبل لبساً، ويجيب على التساؤلات المطروحة عليه. سنجد قلة قليلة ممن تعرف ما الذي تتحدث عنه, بينما تجد الكثرة الغالبة هم أتباع مقلدون لأشخاص أو لجماعات أو لاتجاهات أو لتيارات.
كما أن "استقلال النفس والقلب" يعني الارتباط القلبي بالله سبحانه وبالإسلام ديناً، ارتباطاً لا يعكره أي ارتباط آخر. ومن ثم فكل من يقدم إنجازاً لنصرة دين الله فنحن نحبه وندعو له- حتى وإن كان يخالفنا أو يتبنى فكرة غير التي نراها. إنه القلب الذي عبد الله رب العالمين وأحب فيه وأبغض فيه، وليس القلب الذي عبد الجماعة أو الحزب فأحب من في الحزب وأعرض عمن سواهم.

ثم انظر إلى قوله "استقلال الفكر و العقل".

 

 فاليوم في عمليات التدريب العام هل يلقن الناس إجابات معينة أم يدربون على النظر الناقد و على الفكر المبدع و يطالبون بإيجاد حلول لما هو مطروح عليهم من أسئلة الواقع؟! وليسأل كل منا نفسه: ما هو حجم تعليم منهجيات التفكير داخل هذه البنية الواسعة المنتشرة من التيارات و الأحزاب و التنظيمات و غيرها؟! سنجد أن القليل يسمح
بممارسة هذا النوع من المنهجية. فبعض تلك التيارات لا يتساءل عن أموره الداخلية ناهيك عن الواقع المحيط خارجه. فأين نحن من استقلالية الفكر والعقل؟!


لابد أن يمتلك طلاب النهضة وقادتها أدوات النظر والبحث، خاصة في الشريحة العليا التي تمثل الطبقة التي توجه الآخرين. فعندما يصل إلى هذه الطبقة العليا (القيادة) من لا يمتلك أي ملكة في التفكير الناقد أو التحليلي أو التصوري، فإنه يقتل التفكير بين العاملين معه. فينشأ الجمود تبعاً لذلك. هذه قضية خطيرة يجب معالجتها في تيار النهضة الإسلامية.
لابد من تعليم الفكر الناقد - أي تعليم المنهجيات التي يتم بناءً عليها قراءة الواقع - وتعليم الفكر الإبداعي لإيجاد الحلول لقضايا الواقع بحيث لا يتجمد الذهن عند عمل مفكر ما - مهما جل قدره وعظمت مكانته و صعد نجمه في لحظة من اللحظات -بل يجب أن يكون التفكير المبدع مفتوحاً بحيث يستطيع الناس أن يتخيلوا وأن يناقشوا وأن يطرحوا أفكارهم. هذه الأفكار المبدعة - التي تحلق بالناس و توجد حلولاً للواقع الصعب - قد تأتي من أي مكان ومن أشخاص قد لا يُأبه لهم. و يجب تدريب الناس على تقديم هذه الحلول و مناقشتها و بحثها و النظر فيها.

المسألة الثالثة "استقلال الجهد والعمل". فكثير من الناس يكتفي بمجرد الانتماء إلى تيار الصحوة. فإذا مرت السنوات لم يكن له إنتاج و لا مشاركة و لا عطاء. فإذا توقف الناس توقف ولا يتساءل ما الذي أفعله أنا؟! كيف يمكن أن أساهم في نهضة الأمة؟! إنه لا يتبنى أو يدعم مشروعاً، ولكنه فقط ينتظر مع المنتظرين.


فتعليم الناس استقلال الجهد و العمل يعني أن يكون الشخص مستقلاً بجهده و عمله، فإذا عمل الناس زاد عملهم خيرا ًونفعاً ودعماً، وإذا توقفوا سارع إلى العمل والإنتاج غير آبه بتوقفهم أو سكونهم. نلحظ ذلك في المبادرة العمرية في مكة لجعل المسلمين يطوفون حول البيت. فنقلهم بذلك نقلة جديدة لم يطلبها منه القائد رسول الله . إنه لم يكتف بما كان المسلمون يقومون به – رغم أن معه القائد الموحى إليه – لكنه فكر ونظر كيف ينقل المشروع نقلة جديدة دون أن يكون ذلك بأمر مباشر من القيادة.
وهناك ظاهرة خطيرة ألا وهي تطلع الكثيرين من طلاب النهضة إلى العمل والممارسة بغض النظر عما ينتج عن هذا العمل. هذه النظرة الخاطئة في انفصال النتائج عن العمل خطيرة ومنتشرة ويتم التقنين لها من خلال التلقين السكوني لآيات وأحاديث معينة ووضعها في غير موضعها. والانفصام نشأ بشكل واضح وسافر. فالناس تُطالَب في أعمالها ووظائفها اليومية بالنتائج. وإذا لم تتحقق هذه النتائج فهم مهددون بالطرد والفصل أو الخصم أو غيرها من العقوبات. أما في أمر الدعوة وإنجاز المشروع الإسلامي فالقول الشائع: "إننا نكل الأمر إلى الله سبحانه وتعالى وليس إدراك النتائج علينا"!! نعم.. إدراك النتائج على وجه الجزم ليس بيد الإنسان. فهذا ظرف يخضع لأمر الله سبحانه وتعالى ومشيئته. لكن علينا أن نحاسب أنفسنا على أخطائنا. وانظر إلى المنهج القرآني الذي يعلمنا ذلك. فهو ينسب النصر لله سبحانه و تعالى. يقول تعالى: {و ما النصر إلا من عند الله} . أما عندما تحدث الهزيمة فيقول تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند


أنفسكم}. فتحدث عملية مراجعة للخطوات والإجراءات والقرارات، وتُبحث كل هذه السلسلة حتى يستفاد من هذه التجربة للتجربة اللاحقة. أما أن يتم تجاوز هذه المنهجية، والهروب إلى مساحات أخرى - يتم الانكفاء عليها - لمحاولة تسكين الناس ومنعهم من التساؤل حول النتائج والإنجازات والعمل، فإن ذلك يؤدي إلى تكرار للأخطاء باستمرار.
نعم ايها الاحباب
والمرة القادمة



 

مدونة الارض لنا " كل ما يخص المسلم صاحب الهم والدعوة"

قناة الاقصي وتردد جديد