الخميس، 9 يوليو 2009

إقليم" سينكيانج".. نبذة تاريخية

تعريف بقضية شعب الايجور المسلم

إقليم" سينكيانج".. نبذة تاريخية

يعتبر إقليم "سينكيانج" أكبر إقليم في الصين، وتبلغ مساحته 1.6 مليون كيلومتر مربع، أي نحو 17% من مساحة الصين الحالية، واسمه الأصلي "تركستان الشرقية". وكان المسلمون الأتراك في صراع دائم مع الصينيين، الذين شنوا عدة هجمات فاشلة على الإقليم. ولكن في عام 1759م، نجحت العائلة الحاكمة الصينية (Manchu) [الماتشو] في احتلال هذا الإقليم، ثم استرده الأتراك.. وظل الإقليم مستقلاً لفترة قصيرة، إلى أن نجحت العائلة الصينية نفسها في احتلاله مجددًا بمساعدة البريطانيين في عام 1876م. ومنذ ذلك الوقت والإقليم خاضع بالكامل للصين، التي عمدت إلى تغيير اسم "تركستان الشرقية" إلى "سينكيانج"، ومعناها: "الجبهة الجديدة".

وبعد الحرب اليابانية - الصينية في منتصف القرن العشرين، نشأت جمهورية تركستان الشرقية كجمهورية إسلامية في شمال الصين، ولكنها لم تستمر طويلاً، حيث قام "ماوتسي تونج" (الزعيم الصيني المعروف) بفرض سيطرته على المنطقة كلها في عام 1949م، وإن كان قد أعطى الإقليم -بعد تغيير اسمه- صفة إقليم متمتع بالحكم الذاتي ثقافيًّا وإثنيًّا ودينيًّا ولغويًّا، إلا أنه من الناحية التطبيقية حدث العكس تمامًا، وقامت الحكومة الصينية بضرب الإقليم بيد من حديد.

وبالطبع أدى ذلك التجاهل للأويغور إلى المقاومة والمواجهة، وتأزمت الحالة، خاصة في السنوات الأخيرة عندما طالب عدد كبير من الأويغور -وبإصرار- بإقليم مستقل، متأثرين ومدعومين بالتطور الذي شهدته منطق "تركستان الغربية"، الذي تمثل في بروز جمهوريات إسلامية جديدة مثل: قيرغيستان، وكازخستان، وأوزبكستان، وطاجكستان، وتركمنستان.

وقوبل نداء الأويغور بالاستقلال والمطالبة بتطبيق "حق تقرير المصير" بعنف شديد وباضطهادات واسعة من قبل السلطة الصينية، تضمنت: اعتقالات تعسفية، إغلاق المساجد والمدارس الإسلامية، والانقضاض على كل ما هو إسلامي. وقد سجّلت منظمة العفو الدولية آلاف الأويغوريين الذين تم اعتقالهم، بالإضافة إلى المئات الذين تم إعدامهم في السنوات الأخيرة. وطبقًا لبعض التقارير -التي تم نشرها في مجلة "التايمز" بلندن- تقوم السلطة الصينية بإجبار النشطاء الإسلاميين من الأويغور على احتساء الخمر قبل تنفيذ الحكم النهائي عليهم.

وبالمناسبة، فإن الأويغور لا ينالهم الاضطهاد فقط في داخل إقليم سينكيانج، وإنما يمتد الاضطهاد إلى خارج الإقليم؛ ففي "بكين" -عاصمة الصين- وقع الاضطهاد على منطقة اسمها "قرية سينكيانج"، فتم إغلاق ثلاثين مطعمًا للمسلمين، وتشريد أكثر من ألف مسلم. هذا ما يتم الإعلان عنه، ولكن ما خفي كان أعظم.

بالإضافة إلى انتهاك حقوق الإنسان، قام النظام الصيني بتأسيس برنامج على درجة عالية من التمييز والعنصرية، يهدف إلى تغيير التوزيع السكاني بإقليم سينكيانج. فمنذ الخمسينيات من القرن العشرين، والسلطات الصينية تسعى سعيًا حثيثًا تجاه تغيير المزيج الإثني بإقليم سينكيانج. وبذلت كل جهدها لتطبيق نظام "طفل واحد لكل أسرة" على الأويغور، بينما لم تطبقه على باقي الإثنيات التي تعيش في الإقليم نفسه، وكانت النتيجة أن تغير التوزيع السكاني تمامًا؛ فبعد أن كان المسلمون في تركستان الشرقية يشكِّلون أكثر من 90% (78% أويغور) والصينيون (الهان) يشكلون 6% فقط سنة 1942م ارتفعت نسبة الصينيين بشكل ملحوظ، وباتوا يشكلون –حسب إحصاءات نوفمبر 2001م- حوالي 40% من سكان الإقليم.

ولم ينتهِ الأمر عند ذلك الحد، بل تطور حتى صار (الهان) يسيطرون على المجالات الاقتصادية والسياسية؛ وقد تم ذلك من خلال خطط مدروسة مثل: إلغاء اللغة الأويغورية، وتوفير الخدمات المتميزة والوظائف لمجتمع الهان الذي يتزايد يومًا بعد يوم؛ وكذلك مُنع الأويغوريون من العمل في الشركات الصينية، خاصة بعد اكتشاف آبار البترول التي تتواجد بغزارة في المنطقة؛ الأمر الذي يصعد من أزمة البطالة بينهم.

وبما أن الإسلام يشكِّل مركزًا أساسيًّا في ثقافة الأويغوريين، تتجه الحكومة الصينية إلى طمس جميع الرموز الإسلامية؛ فالمدارس الإسلامية والمساجد إما مغلقة أو خاضعة لتقييدات صارمة. ومؤخرًا، تم منع التلاميذ في المدارس والجامعات من تأدية الصلاة، ومن صيام رمضان، بل وصل الأمر إلى منعهم من حمل المصاحف أو امتلاكها.

لماذا كل هذا الاضطهاد؟!

من الواضح أن هناك أسبابًا اقتصادية وعسكرية؛ فمن الناحية العسكرية، تشكل منطقة تركستان الشرقية -بحدودها المشتركة مع منغوليا، وكازخستان، وقيرغيزستان، وطاجكستان، وأفغانستان، وباكستان، وروسيا- مساحة وقائية من الأخطار الخارجية. وحتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، استمرت الأهمية الإستراتيجية للمنطقة في التنامي والازدياد؛ حيث صارت تحتوي على إحدى الفرق العسكرية الكبرى، التي تمد الدولة بأجود الأسلحة والقادة في وقت الطوارئ. ومن الجدير بالذكر أن معظم الصواريخ النووية الباليستية -التي تملكها الصين- متواجدة في إقليم سينكيانج.

أما السبب الاقتصادي، فهو يتمثل في مخزون الثروات المعدنية التي يمتلكها هذا الإقليم، من الذهب والزنك واليورانيوم. وبعض التقديرات تذهب إلى أن احتياطي مخزون البترول يصل إلى 2.44 بليون طن في حوض التاريم. وبالرغم من أن جميع المحاولات -حتى الآن- للوصول إلى ذلك المخزون الضخم قد باءت بالفشل، فإن الإقليم يعتبر مهمًّا للغاية من حيث إنه يعتبر الواصلة التي تنقل البترول من جمهوريات آسيا الوسطى إلى مصانع الصين.

أين الدول الإسلامية؟

وبعد كل ذلك.. ألم يأنِ للعالم أن يستيقظ لوقف هذه المجزرة التي تتم باسم القضاء على الإرهابيين، والمتطرفين، والانفصاليين؟ تلك المجزرة التي يسميها النظام الصيني "قضية داخلية" تستهدف اقتلاع الإرهابيين؟

وللأسف الشديد، لم يقف العالم الإسلامي إلى جانب المسلمين الأويغور؛ وبدلاً من إظهار التضامن مع إخوانهم المسلمين، قام البعض منهم -مثل كازخستان، وقيرغيستان، وطاجكستان، وأوزبكاستان- بالتضامن مع الصين لمكافحة ما يسمونه بـ"الأصولية الإسلامية". وأكبر دليل على ذلك يتمثل في مجموعة "شنغهاي" -التي تضم الدول الإسلامية السابق ذكرها- بالإضافة إلى الصين وروسيا. وقد عقدت تلك المجموعة عدة اتفاقيات تعمل على إعادة اللاجئين الأويغور بالقوة إلى بلادهم (سينكيانج)؛ وهو ما يمثل انتهاكًا لمعاهدة الأمم المتحدة للاجئين؛ فقد قامت كازخستان برفض اللاجئين الأويغور وأعادتهم قسرًا إلى الإقليم، كما رفضت باكستان الطلبة الأويغور، وأغلقت بيوت الضيافة المخصصة لهم في إسلام آباد.

وفي غمرة عكوف العالم كله على الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، تضيع قضية المسلمين الأويغور وسط الزحام، منشغلين بالإرهاب الذي تعرفه أمريكا وفق رؤيتها، ومتناسين الإرهاب الذي يحدث في إقليم سينكيانج. 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدونة الارض لنا " كل ما يخص المسلم صاحب الهم والدعوة"

قناة الاقصي وتردد جديد