السبت، 5 يناير 2013

في بيتنا رئيس.. أول حوار مع صاحب منزل رئيس الجمهورية


لم أكن أعرف الطريق الذى سأذهب منه إلى منزل رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى؛ لأجرى حوارا مع صاحب العقار الذى يستأجر منه الرئيس الشقة التى يسكن فيها مع أسرته، وهو فى نفس الوقت جار الرئيس؛ حيث سكن فى الطابق الأرضى للمنزل. فالقاهرة الجديدة بطبعها متشابهة المعالم والشوارع.. فكيف سأصل إلى المنزل؟ وكيف سأعرفه؟ .. قلت: بالتأكيد سيظهر المنزل؛ بسبب التعزيزات الأمنية التى تقف أمامه، وسأقطع شوطا كبيرا مشيا على الأقدام حتى أصل.
ظل هذا الشعور يراودنى، وتذكرت كيف كنا نمشى من شوارع أخرى أيام المخلوع، وكان من المستحيل أن نرى طوبة من قصره.. اتبعت الإرشادات والوصفات، وأثناء مرورى فى أحد الشوارع مر المنزل الذى يقطن به الرئيس دون أن أدرى أنه هو؛ لأعود وألتفت إلى الخلف وألمح تجمعا بسيطا لأدقق النظر وأفاجأ أنه هو المنزل حسب الوصفة!
كان مشهدا مغايرا لما رسمت فى ذهنى، فعدد القوات المكلفة بتأمين المنزل قليلة جدا، ولا تقارن بما كان يحدث فى عهد النظام البائد؛ وهو ما جعل ذلك المنزل البسيط الموجود وسط الناس قليل التأمين، والسيارات تمر من أمامه بشكل طبيعى جدا.. وقد يمر عليه البعض دون أن يدرى أن الذى يسكن هنا هو رئيس الجمهورية! ذلك المشهد هو أبسط المفاجآت التى مرت علينا أثناء هذا الحوار الذى كشف العديد من الجوانب الخفية فى حياة الرئيس الإنسان، والجار، والأب، ورب الأسرة، والمواطن، قبل أن يكون رئيسا للجمهورية.
الحاج عز الدين شكرى "50 عاما" –صاحب العقار الذى يؤجر منه الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية شقته- هو أحد تجار وسط البلد، ممن تضرر عملهم كثيرا بسبب الثورة وما تلاها من أحداث طوال الفترة الانتقالية إلى الآن، وزوجته هى الحاجة جيهان، وكلاهما غير منتمٍ لجماعة الإخوان المسلمين ولا لأى أحزاب أخرى، ولا علاقة لهم بأى منهم من قريب أو بعيد، وأولادهما خمسه هم: أحمد، وإسماعيل، وأسامة، وإسلام، وإياد.
جارنا إخوان!
وأضاف: "عندما علمت بعد فترة أن جارنا من قيادات جماعة الإخوان المسلمين أثناء اطلاعنا بالصدفة لحوار له فى إحدى الصحف، لم يؤثر ذلك على علاقتنا أبدا، ولا على جيرتنا، بالرغم مما كان يقال حول تلك الجماعة، وأنها محظورة؛ بل افتخرت أننا نجاور رجلا مناضلا ثوريا محترما يسعى لجلب حقوق الناس وإعادتها لأصحابها".
وأوضح عز أن الرئيس يؤجر منه الشقة بإيجار سنوى، ولا يتأخر أبدا فى دفعه طوال السنوات الماضية ويدفع الإيجار فى توقيته، وأحيانا قبل الموعد.
كبير أسرتنا
ويكشف الحاج عز النقاب عن الحياة الإنسانية للرئيس؛ قائلا: "د. مرسى طيب الجيرة لأبعد الحدود؛ حيث إنهم لا يشعرون بوجودهم إلا إذا أُضيأت إحدى أنوار منزلهم، أو عند وصول موكبه فقط، وأحيانا عندما يكونون فى آخر المنزل فلا يشعرون حتى بموكبه، أو إضاءة النور فى شقته".
ويضيف: "رغم أننا -ملاك العمارة وساكنيها- أسرة واحدة، إلا أن ود وحسن خلق الدكتور مرسى جعلنا نقبل بوجوده وسطنا، على الرغم من عدم وجود صلة قرابة بيننا؛ ليصبح الآن بعد معاشرتنا له طوال تلك السنوات هو كبير تلك الأسرة بوده وحنيته واهتمامه بنا".
وأكدت زوجته على كلامه بقوة؛ حيث بدت متحمسة جدا وقالت: "فى بداية بنائهم للمنزل كانوا لا يرغبون فى أن يؤجر أى شخص منهم أى شقة فيه لأنهم كانوا يفضلون أن يكون منزلهم لهم فقط ولأولادهم، إلا أنهم وافقوا فى بادئ الأمر على سبيل التجربة، واكتشفوا بعدها طيبة ومكارم أخلاق الدكتور مرسى وأسرته؛ حيث لا يسمع لهم حس ولا يشعر بهم أحد أثناء طلوعهم لشقتهم أو نزولهم منها، سواء قبل توليه منصب الرئاسة أو بعدها".
رئيسنا وخزانات المياه!
وعن الشائعات التى تتداولها بعض وسائل الإعلام حول انقطاع الكهرباء والماء عن التجمع الخامس بأكلمه إلا منزل الرئيس، يرد الحاج عز مبينا أن الكثير من المنازل فى التجمع الخامس تعمل بنظام الخزانات، والتى تجعل هناك مياها لساكنيها لمدة 3 أيام فى حالة انقطاع المياه عن المنطقة بأكملها، فكل من يعمل بهذا النظام لا تنقطع عنه المياه، وليس منزلنا فقط لأنه منزل الرئيس، بل من قبل أن يكون د. مرسى رئيسا والمياه لا تقطع لدينا بسبب نظام الخزانات.
ويضيف: "وأحب أن أبين أن الرئيس هو المشرف على خزانات المياه، وهو الذى خطط لكيفية إنشائها حتى تعمل بكفاءة" واقترح تصميمها بشكل معين، ويقوم بالإشراف عليها من وقت لآخر".
شائعات وطرائف!
وشائعة أخرى فكاهية سمعت عنها أسرة الحاج عز، وهى مرض الرئيس وإجراؤه عملية فى المخ، حيث ضحكوا كثيرا، وقالوا: إن تلك الشائعة من شدة انتشارها مع رؤيتهم له يوميا صباحا ومساء جعلتهم يتَّصلون بزوجته ويسألونها عما إن كان مريضا فعلا أم لا، لتضحك زوجة الرئيس أيضا وتطمئنهم أنه بخير، وما يحدث مجرد شائعات!
وعن شائعة أخرى مضحكة، وهى مهاجمة مجموعة ممن أُطلق عليهم ثوار منزل الرئيس بالتجمع وأحرقوه، حيث تبين الحاجة جيهان أنها فوجئت بزوجة الدكتور مرسى تحدثها وهى فى الدور العلوى وتسألها وهى تضحك: هل نحن بخير أم أننا نحلم؛ حيث إنهم يقولون: إنهم أحرقوا منزلنا!
جارنا رئيس!
وعن تفاصيل ترشح د. مرسى للرئاسة ثم فوزه بالمنصب؛ يروى لنا الحاج عز تفاصيل تلك الأيام قائلا: "دعونا الله أن يكون د. مرسى رئيسا للجمهورية لإخلاصه ولحاجة الوطن لأمثاله فى هذا التوقيت الصعب" وتابع: "بعد فوزه كان أول من احتفل به هم جيرانه وشارعه اللذان تجمعوا أمامه ليهنئوه ويباركوا له فى ليلة ضخمة حاشدة مليئة بالأفراح وأضخم من ميدان التحرير؛ وقد بادلنا الحفاوة والتقدير".
وقاطعته زوجته الحاجة جيهان قائلة: "أتذكر بعض المواقف والكثير من التفاصيل الآخرى؛ نظرا لأنى أقضى وقتا أطول من زوجى فى المنزل"؛ حيث بينت أن ليلة إعلان النتيجة كانت تزامنت مع فرح أحد أبنائها فعلقوا الأنوار على منزلهم من بداية اليوم احتفالا وابتهاجا بابنها، فشاء القدر أن يفوز جارهم د. مرسى وتكون تلك الأنوار لفرحتين لا لفرحة واحدة، وظن الناس أنهم كانوا على علم بالنتيجة من سابق الأمر لذلك علقوا الأنوار بالرغم من أنها كانت فى الأساس لابنهم العريس".
وتضيف: "فى تلك الليلة التى كان يعيش فيها جميع المصريين فى ترقب انتظارا لإعلان النتائج، لم تنس زوجة المرشح الرئاسى وقتها أن تهنئ جيرانها فى مناسبتهم السعيدة فجاءت لهم واصطحبت معها هدية لابنها وجلست معهم بعض الوقت لتهنئتهم"، وتكمل: "فى فرح ابنى الآخر لم تستطع زوجة الرئيس الحضور فقمت بإرسال طبق حلويات لها، وبعد تفتيش وفحص من قبل الحرس الجمهورى وقوات الأمن، وصل إليها، واتصلت بى تشكرنى بشدة عليه".
وعندما سألناه عن التغيير الذى لمسوه فى شخصية المواطن الدكتور محمد مرسى والرئيس محمد مرسى؛ نفى الحاج عز تماما وجود أى تغيير؛ وإن وجد فهو إلى الأفضل؛ حيث إنه أصبح أكثر تواضعا، وأكثر حفاوة، ويقول: "ما من مرة يلاقينى إلا ويحتضننى ويفتح هو ذراعه ليأخذنى بالأحضان حتى لا يكون سلاما عابرا".
ويضيف: "أجريت لى عملية منذ عدة أيام ولم أخبر الدكتور محمد مرسى لأننى أعلم انشغاله والأعباء الكبيرة عليه، إلا أنه علم من الحرس الجمهورى بذلك واتصل بى  أكثر من مرة للاطمئنان على صحتى وعلى تحسن حالتى".
ويضيف إنه فى كثير من الأيام كان بعض المواطنين يجلسون بالساعات أمام المنزل لتوصيل شكواهم للرئيس، ومهما عاد فى أى وقت، متأخرا كان أو مبكرا، كان يستمع لشكواهم، ويجالسهم بحنية، دون أى كبر، ويحلها تماما وهم واقفون؛ حتى إنهم كانوا يرحلون من عنده وهم يزغردون ويدعون له؛ ولكن مع تكرار تلك الحالات وتزايدها وازدحام المشاغل عليه بدأ الحرس الجمهورى يبلغون من يجىء إليه أن عليهم التوجه إلى قصر الاتحادية حيث مقر عمله لا مسكنه.
أكلة السمك والاتحادية!
وعن ليلة الأحداث الساخنة أمام قصر الاتحادية يروى الحاج عز أنه وأسرته كأى بيت مصرى كانوا فى غاية القلق والتوتر؛ خوفا على جارهم قبل رئيسهم، وخوفا على حال البلد، وأطمأنوا عليه بمجرد وصوله إلى المنزل، وظلوا يدعون له وللبلد كثيرا، ودار اتصال بينهم وبين زوجته للاطمئنان عليهم وعلى صحتهم وعلى أمنهم.
وتروى زوجته وهى تضحك بشدة أن إحدى وسائل الإعلام الشهيرة بالكذب روّجت شائعة أن جيران الدكتور مرسى جمعوا أنفسهم فى سيارات محملين بالأسلحة وذهبوا للاعتداء على المتظاهرين الموجودين فى الاتحادية؛ ووقتها كانوا خرجوا لشراء سمك وعادوا لطهيه وأكله وهم يسمعون وسائل الإعلام تروِّج ذلك الخبر، فظل الجميع يضحك على مائدة الطعام، وهم يتفقدون أنفسهم ليتأكدوا أنهم كاملو العدد!
اسامة عز الدين –ذو العشر سنوات وابن مالك العقار- أصر على أن يخبرنا أنه يحب الدكتور مرسى وزوجته؛ حيث إنه يعرفهم منذ كان فى الصف الأول الابتدائى، ودائما ما تقول له زوجة الرئيس: إنها تحبه وإنه له معزة خاصة لديها لأنها لديها ابن اسمه أسامة أيضا، وكلما رأته تحضنه وتقبله كثيرا.
ويقول أسامة: "ذات مرة كان هناك موكب للرئيس وكان سيصعد إلى شقته فاخترق الكردون الأمنى ليسلم عليه فاحتجزه الأمن، فقال لهم الدكتور مرسى: اتركوه. وقال له: أنت ابن الحاج عز؟ واحتضنه، وظل يلاعبه".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدونة الارض لنا " كل ما يخص المسلم صاحب الهم والدعوة"

قناة الاقصي وتردد جديد